الاثنين، 7 ديسمبر 2015

المدخل لدراسة القانون الدستوري القطري للدكتور حسن السيد

يحاول الكاتب الإجابة على العديد من الأسئلة الدستورية:
هل وضع الدستور القطري بأسلوب ديمقراطي؟
هل تصنف قطر ضمن الملكيات الدستورية ؟
كيف يتم اختيار ولي العهد، وما هي إجراءات تنصيبه أميراً للبلاد؟
ما هي اختصاصات الأمير في مواجهة السلطات الأخرى؟
هل مجلس الشورى القطري يعكس مفهوم البرلمان حقيقة؟
كيف يتم اعداد وسن القانون في دولة قطر؟
هل هناك محكمة دستورية في دولة قطر؟
الكتاب متوفر في ركن جامعة قطر بمعرض الدوحة الدولي للكتاب 2 - 12 ديسمبر 2015


الاثنين، 16 مارس 2015

المحكمة الدستورية وشرط المواطنة


 المحكمة الدستورية وشرط المواطنة
الشرق 17 مارس 2015

 
إن اشتراط المواطنة فيمن يتقلد القضاء عموماً، عنصر هام للغاية لتفعيل مبدأ استقلال القضاء وعدم التأثير على القضاة. فغير المواطن في الغالب لم يترك بلده إلا للحاجة ولتحسين وضعه المعيشي، وهو مرتبط بالدولة التي أتى للعمل فيها بعقد مؤقت، وللتأثير عليه قد يُغرى بالتمديد، وقد يهدد بعدم التجديد. هذا من جانب، ومن جانب آخر، إن كان القضاء يشكل في العموم مظهراً من مظاهر السيادة للدولة، فإن القضاء الدستوري ذروة سنام النظام القضائي والتصاقه بالسيادة أعمق وإحاطته بها أوسع، إذ تعرض عليه تشريعات الدولة فتبطل لعدم دستوريتها أو تستمر لتوافقها مع دستور الدولة.
وقد تكون إحالة التشريع ناجمة عن خلاف بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وقد يكون موضوع النزاع متعلقاً بنظام الحكم، أو بحقوق المواطنين أو حرياتهم أو باختصاصات سلطة من السلطات العامة، وهي أمور في المجمل مرتبطة بالسيادة.
لذا تذهب العديد من الدساتير إلى النص صراحة في صلب الدستور على اشتراط المواطنة فيمن يتم اختياره لعضوية المحكمة الدستورية، فالمادة (174)/1 من دستور جنوب إفريقيا لعام 1996 تنص على أنه يجب "أن يكون الشخص المعين في المحكمة الدستورية من مواطني جنوب إفريقيا..".. والمادة (119) من دستور الاتحاد الروسي لعام 1993 تنص على أنه "يجب أن يكون القضاة من مواطني الاتحاد الروسي" وهو يسري على جميع القضاة فيها ومنهم قضاة المحكمة الدستورية.
ولأهمية هذا المنصب لا تكتفي بعض الدساتير باشتراط المواطنة فحسب، بل تؤكد على ألا يحمل القاضي في المحكمة الدستورية جنسية دولة أخرى، فالمادة (152) من الدستور السوري لعام 2012، على سبيل المثال، تنص على أنه "لا يجوز لمن يحمل جنسية أخرى، إضافة إلى الجنسية العربية السورية أن يتولى مناصب رئيس الجمهورية أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو عضوية مجلس الشعب أو عضوية المحكمة الدستورية العليا". والمادة (61) من الدستور الأردني لعام 1952 تنص على أن يشترط في عضو المحكمة الدستورية أن يكون أردنياً، ولا يحمل جنسية دولة أخرى.
بل نجد من الدساتير ما لا يكتفي باشتراط المواطنة أو عدم ازدواج الجنسية لتولي منصب القضاء في المحكمة الدستورية، بل يؤكد أيضاً أن تكون هذه الجنسية التي يحملها المواطن هي بصفةٍ أصلية أو أن يكون الشخص مواطناً ولد على أرض الوطن، أو أن يتمتع بالحقوق السياسية كحق الترشيح وحق الانتخاب وهو أمر تقره الدول للمواطنين بصفة أصلية. ففي دستور كولومبيا لعام 1991، على سبيل المثال، تنص المادة (147) منه على أنه كي يكون الشخص قاضياً في المحكمة الدستورية أو محكمة العدل العليا أو مجلس الدولة ينبغي "أن يكون كولومبياً بالولادة".. وفي الإكوادور تنص المادة (433) من دستورها لسنة 2008 بأن يكون من يتم تعيينه عضواً في المحكمة الدستورية مواطناً إكوادورياً متمتعاً بحقوقه السياسية.
وفي مقابل هذا التوجه نجد دساتير دول أخرى لم تنص صراحة على شرط الجنسية فيمن يتم اختياره عضواً في المحكمة الدستورية، إذ قد يكون هذا الشرط من الشروط التقليدية البديهية التي يؤكد عليها القانون العادي في بعض الدول فيمن يتولى منصب القضاء لكونه من الوظائف السيادية التي لا يتقلدها إلا المواطنون. أو قد يجيز القانون استثناءً أن يتقلد هذا المنصب قضاة أو قانونيون مؤهلون من جنسيات أخرى بسبب قلة عدد سكان الدولة وعدم توافر المؤهلين من أبنائها.
ومن أمثلة الدول التي لم تنص دساتيرها صراحة على شرط الجنسية في عضو المحكمة الدستورية دستور دولة الكويت الذي ترك تقرير اشتراطه من عدمه للمشرع العادي، فلما صدر قانون إنشاء المحكمة الدستورية قصر العضوية فيها على الكويتيين من مستشاري محكمة التمييز ومحكمة الاستئناف. وقد قيل في تبرير اشتراط المشرع الكويتي للعنصر الوطني في العضوية، بأنه قد روعي في تشكيل المحكمة الدستورية الجانب السياسي في مهمتها، والأصداء السياسية التي قد تترتب على أحكامها.
وفي دولة قطر ترك المشرع شرط الجنسية للقواعد العامة، فوفقاً لها يجوز عند عدم توافر شروط العضوية في المواطن القطري أن يكون من يتولى القضاء من مواطني الدول العربية، وقد يبرر ذلك برغبة المشرع في عدم التضييق من دائرة الاختيار. كما قد يبرر عدم اشتراط الجنسية القطرية في عضو المحكمة الدستورية بأن فيه إفساحاً لأن تضم هذه الأخيرة بعض ذوي الخبرة في المنازعات الدستورية من مواطني الدول التي سبقت دولة قطر في إنشاء القضاء الدستوري. فمتى ترى المحكمة الدستورية القطرية النور؟ هذا والله من وراء القصد.

 

الاثنين، 19 يناير 2015

أوروبا وإحياء الكراهية من جديد

 

أوروبا وإحياء الكراهية من جديد                          

20 - 1- 2015
جريدة الشرق القطرية

أراقت فرنسا وأوروبا سيولاً جارفة من دماء أبنائها، وعرفت سجونها المخيفة والمظلمة والباردة والنتنة أقسى جرائم التعذيب بشاعة، وشهدت حدود أقاليمها مئات الألوف من المشردين والمهجرين، كان جُل ذلك بسبب عدم قبول الآخر المختلف في معتقده الديني والمذهبي، لذا أدركت وهي تبني نهضتها بأنه لا حياة للحقوق والحريات إلا في بيئة الإخاء والتسامح وقبول الآخر واحترام المعتقدات وحماية الأقليات والمساواة وعدم التمييز. وأن هذه مرتكزات أساسية للدولة والنهوض بها، فأعدمت بذلك الكراهية.
وأكدت فرنسا في المادة الأولى والثانية من دستورها بأنها "تكفل المساواة بين جميع المواطنين أمام القانون، دون تمييز في الأصل أو العرق أو الدين، وتحترم جميع المعتقدات"، وأن شعار الجمهورية الفرنسية هو: (الحرية، المساواة، الإخاء).
لذا ينبغي ألا تصطدم ممارسة الحريات بالمرتكزات الأساسية للمجتمع وإلا تحول اختلاف مشارب ومذاهب المواطنين من أطياف منسجمة جميلة إلى خنادق نارية ومسارات ملغومة.
أهمية هذا التوازن بين ممارسة الحرية وبين الحفاظ على النسيج الوطني أدركه المواطن الفرنسي منذ عام 1789عندما وضع إعلان حقوق الإنسان والمواطن ولا يزال متمسكًا به بالرغم من مرور مائتي عام عليه، وقد أكد على هذا التمسك في ديباجة دستوره الحالي. إذ وضح هذا الإعلان أن "القانون هو إرادة الجمهور ووظيفته ضمان مساواة الحقوق ومنع ما فيه ضرر للهيئة الاجتماعية".
إن ما تناقلته الصحف الأمريكية بالأمس من أن أوروبا تشن حملات على الحريات بتوسيع دائرة الاعتقالات والسعي لصياغة مشروعات قوانين لمراقبة المواطنين وتوسع الجرائم التي تؤدي إلى تجريدهم من جنسيتهم ما هي إلا إجراءات قد تساهم في التخفيف من آثار المشكلة دون معالجة المشكلة ذاتها، ولكنها في المقابل قد تساهم في احتضان الكراهية إن مورست بعشوائية أو انتقائية.
إن ما سبق ليس تبريرًا لمن قاموا بقتل صحفيي أو رسامي كاريكاتير مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة، لعدم احترام هذه المجلة للمعتقدات كما نص الدستور، وعدم تجنب ما يهز كيان المجتمع أو ينشر بذور الكراهية بين أطيافه. فمن قام بالحدث لا يمثلني كمسلم، والانتقام وأخذ الحقوق باليد وتنفيذ عقوبات عشوائية غير صادرة عن محاكمة رسمية عادلة لا يمكن أن يبرره أي منطق كان، وهو مَنْفذ لردود فعل أكبر ضد المسلمين ومستنقع يصطاد فيه كل من يريد أن يفتري على الإسلام ويشكك في قيمه السامية.
فرنسا التي كتب أبناؤها إعلان الحقوق بدمائهم، أسالت الدماء ذاتها كي ترسخ دولة المؤسسات والقانون، لذا الرد على نشر الرسوم المسيئة لنبي الرحمة، محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم، بالرغم من فداحته، يكون بالسير في القنوات الشرعية للمجتمع، كتكوين رأي عام يتفهم خطورة إحياء الكراهية وتكوين رأي في البرلمان يتبنى مقترح قانون يجرم الإساءة للأنبياء، ويساهم في التعايش السلمي، فعندما تبنت العديد من الدول الغربية قوانين تجرم معاداة السامية فإن هذا الأمر تحقق من خلال خوض اليهود للقنوات الشرعية التي جعلت المقترح، بالرغم من تقييده لحرية التعبير، تشريعًا واقعًا تحترمه السلطات. هذا، والله من وراء القصد.

المباغتة في إصدار تشريعات الحقوق وحق المعارضة في إيقافها

المباغتة في إصدار تشريعات الحقوق وحق المعارضة في إيقافها

الثلاثاء 06-01-2015 01:51
قبل أيام معدودة قامت المحكمة العليا في كينيا بتعليق ثماني مواد من قانون الأمن الوطني الجديد مؤقتًا حتى تنظر في الالتماسات المقدمة من المعارضة بشأن انتهاك هذه المواد للحريات العامة.
والمواد التي أثارت المعارضة وترى فيها انتهاكًا خطيرًا للدستور وأنها تحول كينيا من دولة مؤسسات وقانون إلى دولة بوليسية، تتمثل في تلك التي تطيل فترة احتجاز المشتبه بهم في أعمال إرهابية لمدة تصل إلى سنة دون توجيه تهمة إليهم، وتلك التي تسهل مراقبة الاتصالات وتفرض عقوبة بالسجن لنشر مقال يمكن أن يؤثر في سير عملية التحقيقات. كما أن من المواد التي تم تعليقها تلك التي تفرض عقوبات قاسية لكل من وجد معه سلاحٌ في دار للعبادة ويدان في جريمة إرهاب، وتلك التي تعرض أصحاب المباني والمؤسسات أو المسؤولين عن الأماكن العامة لعقوبات صارمة إن فشلوا في منع دخول الأسلحة لهذه الأماكن.
القانون الجديد تمت الموافقة والتصديق عليه في فترة تقل عن أسبوعين، ولم يمنح لأعضاء البرلمان ولا للرأي العام وقتٌ كافٍ لمناقشته. وإمكانية الحكومة الاستعجال في إصدار التشريع في فترة قياسية أو المباغتة في إصداره، قد يعد "تكتيكًا" من قبلها لتمرير بعض التشريعات التي قد تواجه معارضة شديدة تمنع صدورها لو تم التمهل بها، ويزداد الأمر سوءًا إن كان التشريع يتعلق بتنظيم ممارسة حق من الحقوق. وهو أمر يجب أن ينتبه له المشرع الدستوري، فينص على منع الاستعجال في إصدار التشريعات الأساسية ذات العلاقة بالحريات العامة. فالدستور التونسي الجديد (2014) على سبيل المثال، أكد أن الحريات وحقوق الإنسان تصدر في شكل قانون أساسي، وبين أن مشروع القانون الأساسي لا يعرض على مداولة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب إلا بعد مضي خمسة عشر يومًا من إحالته على اللجنة المختصة.
إن إمكانية اللجوء إلى المحكمة العليا مباشرة لإبطال قانون صدر بسبب انتهاكه للحقوق والحريات العامة، دون أن تكون هناك قضية معروضة في المحكمة الدنيا يعد ضمانة مهمة جدًا في منع انحراف المشرع عند تنظيمه لهذه الحقوق. فالفقرة 3/ب من المادة (165) من الدستور الكيني لعام 2010 تجعل من صلاحية المحكمة العليا البت فيما إذا كان قد تم الحرمان من حق أو حرية أساسية أو تعرض أي منهما للانتهاك أو التعدي أو التهديد.
إن مما يضعف من فاعلية الحماية التي توفرها المحاكم العليا أو الدستورية للحريات في بعض الدول هو جعل اللجوء المباشر لهذه المحاكم يكون فقط للسلطات التي أسهمت أصلًا في وضع التشريع، أو تجعل لجوء البرلمان إليها يكون بقرار يصدر من أغلبية أعضاء البرلمان مما يحرم المعارضة لكونها لن تتمكن من الوصول إلى الأغلبية المطلوبة. كما أن في كثير من دولنا العربية ليس للأفراد حق اللجوء لهذه المحاكم إلا من خلال أسلوب الدفع الفرعي.
أي يجب أن تكون هناك دعوى منظورة في محكمة دنيا، ويدفع الشخص أمام قاضيها بأن القانون الذي سوف يطبق عليه غير دستوري، وحينها إن وجد القاضي جدية ما دَفع به يمنحه فرصة اللجوء إلى المحكمة الدستورية لتنظر في أمره. ولا شك أن الأمر يزداد سوءًا إن كان اللجوء إلى المحكمة الدنيا من الأساس محظورًا والباب مغلقًا بسبب تحصين المشرع لبعض القرارات واستثنائها من نظر القضاء.
والله من وراء القصد.