تخصص الدساتير في الغالب باباً ضمن أبوابها للحقوق والحريات العامة، فالدستور القطري، على سبيل المثال، خصص الباب الثالث منه للحقوق والواجبات العامة، والدستور البرازيلي أطلق على الباب الثاني منه مسمى "الحقوق والضمانات الأساسية"، ودستور جنوب إفريقيا ضمن الحقوق الباب الثاني الذي عنونه بـ"وثيقة الحقوق".
ووجود هذه الحقوق ضمن الدستور الذي هو أسمى وأعلى وثيقة تشريعية في النظام القانوني لكل دولة، يدل على أهمية هذه الحقوق لدى شعب وحكومة هذه الدولة. ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا صحيحاً، إذ تبقى مواد الدستور مجرد حبر على ورق في دولة اللاقانون ودولة اللاحرية.
وتؤكد الدساتير في الغالب على كفالة الحريات وترسيخ المبادئ الجوهرية بصياغة محكمة دون الاسترسال أو الخوض في التفصيلات الدقيقة التي تتركها لأدوات تشريعية أدنى منها، كالقانون كي ينظمها. وهنا تكمن المشكلة، إذ قد ينحرف المشرع العادي عند تنظيمه الحق، فيقيده بدلاً من أن ينظمه، ويخرج عن تلبية قصد المشرع الدستوري إلى تلبية قصد السلطة الحاكمة.
لذا نجد بعض الدساتير قد أدرك هذه المشكلة، فنراه يحيط كفالة الحق قدر الإمكان بالضمانات الضرورية دون ترك تفصيلاته الجوهرية للقانون، فالدستور المصري الجديد على سبيل المثال لم يذهب في كفالته لحرية الصحافة إلى ما ذهب إليه بعض الدساتير بتقرير حكم موجز بسيط لا يتعدى السطر الواحد ينص على أن "حرية الصحافة مكفولة وفقا لأحكام القانون"، بل على خلاف ذلك جاءت مواد الدستور المصري بصياغة أشمل وبضمانات أوسع تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني، وتقرر أن للمصريين من أشخاص طبيعية واعتبارية، عامة وخاصة حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائط الإعلام الرقمي. وأن الصحف تصدر بمجرد الإخطار. وأنه يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، لكن يجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب والتعبئة العامة فقط. وأنه لا يجوز إيقاع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون. وأن الدولة تلتزم بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام.
كما نجد بعض الدساتير في سبيل منع القانون من الانحراف عند تنظيمه للحقوق يضع بعض المبادئ الجوهرية التي يجب أن يلتزم بها المشرع العادي، فدستور تونس الجديد (2014) ينص مثلاً على ألا توضع الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات العامة إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها، وأن تتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك، وأن أي تعديل يجب ألا ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في الدستور.
وهذان مثالان قد يساهمان في منع القانون من الانحراف عن قصد المشرع الدستوري عند تنظيمه للحقوق، ولا شك أن الضمانة الأكبر هي أن يوضع القانون من قبل ممثلي الشعب ليكون معبراً عن ضمير المجتمع، وهو أمر يفتقده القانون في الدول ذات المجالس المعينة.
والله من وراء القصد.
ووجود هذه الحقوق ضمن الدستور الذي هو أسمى وأعلى وثيقة تشريعية في النظام القانوني لكل دولة، يدل على أهمية هذه الحقوق لدى شعب وحكومة هذه الدولة. ولكن ليس بالضرورة أن يكون هذا صحيحاً، إذ تبقى مواد الدستور مجرد حبر على ورق في دولة اللاقانون ودولة اللاحرية.
وتؤكد الدساتير في الغالب على كفالة الحريات وترسيخ المبادئ الجوهرية بصياغة محكمة دون الاسترسال أو الخوض في التفصيلات الدقيقة التي تتركها لأدوات تشريعية أدنى منها، كالقانون كي ينظمها. وهنا تكمن المشكلة، إذ قد ينحرف المشرع العادي عند تنظيمه الحق، فيقيده بدلاً من أن ينظمه، ويخرج عن تلبية قصد المشرع الدستوري إلى تلبية قصد السلطة الحاكمة.
لذا نجد بعض الدساتير قد أدرك هذه المشكلة، فنراه يحيط كفالة الحق قدر الإمكان بالضمانات الضرورية دون ترك تفصيلاته الجوهرية للقانون، فالدستور المصري الجديد على سبيل المثال لم يذهب في كفالته لحرية الصحافة إلى ما ذهب إليه بعض الدساتير بتقرير حكم موجز بسيط لا يتعدى السطر الواحد ينص على أن "حرية الصحافة مكفولة وفقا لأحكام القانون"، بل على خلاف ذلك جاءت مواد الدستور المصري بصياغة أشمل وبضمانات أوسع تكفل حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني، وتقرر أن للمصريين من أشخاص طبيعية واعتبارية، عامة وخاصة حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ووسائط الإعلام الرقمي. وأن الصحف تصدر بمجرد الإخطار. وأنه يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، لكن يجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب والتعبئة العامة فقط. وأنه لا يجوز إيقاع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون. وأن الدولة تلتزم بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام.
كما نجد بعض الدساتير في سبيل منع القانون من الانحراف عند تنظيمه للحقوق يضع بعض المبادئ الجوهرية التي يجب أن يلتزم بها المشرع العادي، فدستور تونس الجديد (2014) ينص مثلاً على ألا توضع الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات العامة إلا لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وذلك مع احترام التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها، وأن تتكفل الهيئات القضائية بحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك، وأن أي تعديل يجب ألا ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في الدستور.
وهذان مثالان قد يساهمان في منع القانون من الانحراف عن قصد المشرع الدستوري عند تنظيمه للحقوق، ولا شك أن الضمانة الأكبر هي أن يوضع القانون من قبل ممثلي الشعب ليكون معبراً عن ضمير المجتمع، وهو أمر يفتقده القانون في الدول ذات المجالس المعينة.
والله من وراء القصد.