مقالة قديمة نشرت لي في جريدة الشرق في 13 مايو 2008، وجدتها بالصدفة في إحدى المنتديات
لم يعد من المتصور صدور قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى قريباً !!!لا سيما أن مشروع هذا القانون و بعد أن تاه وضل طريقه إلى المجلس لفترة
غير بسيطة، بدا أنه لا يعرف طريق الخروج من هذا المجلس أيضاً!
و باتت المسألة وكأنها موجهة بأن تمط وتطول فترة مناقشة المجلس لهذا
المشروع إلى دور الانعقاد التالي، وبالتالي لا يرى المجلس المنتخب
الموعود النور.
لذا لا بأس أن أتوقف قليلاً عن الكتابة في قانون انتخاب أعضاء مجلس
الشورى الذي بدأت سلسلة الكتابة عنه في الأسابيع الماضية!أما عن عنوان هذا المقال، فإنني لا أقصد بالوزير القوي ذلك المستبد المهيب!
بل عنيت بالقوي من لا يخشى أن يطلب ويطلب - ممن هم أعلى منه طبعاً -
ما فيه صالح وزارته وسير العمل بها، وما فيه صالح مرؤوسيه والموظفين
الخاضعين له.أما الوزير الضعيف، فهو لم يكن يحلم يوماً بهذا المنصب، فعندما وضع فيه
بات همه الأول هو رضا من يعلوه درجة ومقاما، فلا يسأل ولا يطالب!
وموازنة وزارته تتناقص سنة بعد أخرى بفضل ما يوفره على خزانة
الدولة من أموال، أما مقر وزارته وموظفيه ففي حال يرثى لها.
إن ما يسري على الوزراء بشأن القوة والضعف قد يسري على رؤساء
أو مديري الهيئات والمؤسسات العامة أيضاً.
بدأت أشك بعد صدور قرار مجلس الوزراء الموقر بإيقاف انتقال الموظفين
إلى الهيئات والمؤسسات، بأن وراءه وزيرا أو مسؤولا ضعيفا اشتكى من
هجرة الموظفين المميزين لوزارته، وبدلاً من أن يطالب برفع رواتبهم
و مخصصاتهم ويحيطهم بعوامل البقاء والعيش - لكونه يتصور خاطئاً
بأن في المطالبة غضب الكبار عليه - فكر في حجزهم - أي الموظفين -
بـ(كلبشات) القانون.إن في قرار مجلس الوزراء انتهاكا للمادة (26) من الدستور الدائم لدولة قطر
التي تقرر بأن العمل حق، والقضاء الدستوري العربي مستقر بأن العمل هنا
لا ينصرف إلى العاملين في القطاع الخاص بل يشمل موظفي الدولة العموميين
أيضاً.
طبعاً وبحكم عدم وجود قضاء دستوري في قطر إلى الآن - بالرغم من مرور
أكثر من عام على صدور قانون الفصل في المنازعات الدستورية - إلا أنني
لا أرى بأساً من الاستشهاد ببعض المبادئ الصادرة عن المحكمة الدستورية
العليا في جمهورية مصر العربية، منبع النظام القانوني العربي.
"الحق في العمل وثيق الصلة في الحياة" قضية 94 لسنة 18 دستورية.
"الأصل في العمل أن يكون إرادياً قائماً على الاختيار الحر، فلا يفرض عنوة
على أحد". قضية 124 لسنة 24 دستورية.
"العمل لا يجوز أن يفرض جبراً على المواطنين إلا بمقتضى القانون ولأداء
خدمة عامة وبمقابل عادل" . قضية 259 لسنة 25 دستورية.
"العمل ليس منحة من الدولة تقبضها أو تبسطها وفق إرادتها - العمل قرره
الدستور باعتباره شرفاً لمن يلتمس الطريق إليه من المواطنين".
قضية 8 لسنة 16 دستورية.
"يقضي حق العمل ضمان الشروط التي يكون أداء العمل في نطاقها منصفاً
وإنسانياً ومواتياً، فلا يكون العمل قسراً". قضية 30 لسنة 16 دستورية.
"مؤدى اعتبار الدستور العمل حقاً ألا يكون تنظيم هذا الحق مناقضاً لفحواه
-اعتبار حق العمل اختياراً حراً -". قضية 38 لسنة 17 دستورية.
هذه بعض المبادئ القضائية التي كانت في متناول مكتبتي الخاصة، ولاشك بأن هناك فقها وقضاء يعضد الحكمة في إعادة النظر في قرار مجلس الوزراء وهذا هو المأمول.
ولله الحجة البالغة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق