الاثنين، 4 فبراير 2013

أهل الحل والعقد في البلاد..

أهل الحل والعقد في البلاد..

الشرق 5 فبراير 2013


نصت المادة (9) من الدستور الدائم للدولة على أن "يعين الأمير ولي العهد بأمر أميري، وذلك بعد التشاور مع العائلة الحاكمة وأهل الحل والعقد في البلاد..". وقد أثار أحدهم في شبكة التواصل الاجتماعي "تويتر" سؤالاً حول "أهل الحل والعقد في البلاد"، فأحالت لي إحدى طالباتي هذا السؤال.
       وللإجابة عنه لا بد لنا من الرجوع أولاً إلى الأصل التاريخي للمادة (9) المذكورة وأصلها هو المادة (21) من النظام الأساسي المؤقت المعدل (دستور 1972) والتي كانت تنص قبل تعديل 1995 على أن "حكم الدولة وراثي في أسرة آل ثاني، ويعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تاريخ صدور هذا النظام الأساسي المؤقت، ويكون تعيينه بأمر أميري بعد التشاور مع أهل الحل والعقد في البلاد وموافقة أغلبيتهم على التعيين".
       وبمقارنة المادتين السابقتين نجد ثلاث ملاحظات هامة: أولها أن من صاغ النظام الأساسي المؤقت المعدل؛ وأحسبه المرحوم حسن كامل؛ كان على فهم وإدراك للمقصود بأهل الحل والعقد وفقاً لما رآه أهل العلم ممن صنف وألف في السياسة الشرعية والإمامة، فلم يجعل دور أهل الحل والعقد استشارياً بحتاً، بل اشترط كما ورد في المادة (21) السابقة "موافقة أغلبيتهم على التعيين". وهذا ما لم يؤخذ به في الدستور الحالي.
وثانيها، أن من صاغ المادة (21) من النظام الأساسي المؤقت المعدل لم تغب عن ذهنه حادثة "مبايعة أولي الحل والعقد في قطر الصادرة بتاريخ 24 من أكتوبر 1960"، والتي أنهت خلافاً حول ولاية العهد أثير في السنوات الأخيرة من خمسينيات القرن الماضي، لذا عند صياغته لهذه المادة كانت أمام عينه تجربة حية. وهي قد تتفق مع ما ذهب إليه بعض أهل العلم من إدخال الأمراء والعلماء والوجهاء في مفهوم أهل الحل والعقد لكونهم من ذوي الشوكة (أي لمنزلتهم ومكانتهم واستقلالهم عن الخضوع للخليفة - نفاقاً أو خوفاً -، فهم أهل تأثير على من خلفهم من الأفراد، وفي موافقتهم على من عهد إليه الخليفة استقرار للمجتمع ورضا من قبل عامة المسلمين).
ثالثها، أن انتقال الحكم كأصلٍ عام من الأمير إلى الابن الذي يسميه ولياً للعهد أمر قد استقر، لذا أكد عليه الدستور الحالي في المادة (8) منه، وهو أمر لم يكن كل من النظام الأساسي المؤقت المعدل (1972) عند وضعه والنظام الأساسي المؤقت (1970) ينصان عليه. فكانت لموافقة أغلبية أهل الحل والعقد وفقاً لتجربة 1960 أهمية في تلك الأثناء.
ومما سبق نجد أن من صاغوا مسودة دستورنا الحالي لم يوفقوا في نقل عبارة "أهل الحل والعقد" التي كانت المادة (21) من النظام المؤقت المعدل تنص عليها، لم يوفقوا في زجها في المادة (9) من دستورنا الحالي، لاختلاف الظروف بين الأمس واليوم ولكونهم أفقدوا هذه العبارة جوهرها ومعناها.
 والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق