الثلاثاء، 17 يناير 2012

نظرات على مشروع قانون تنظيم الأنشطة الإعلامية

نظرات على مشروع قانون تنظيم الأنشطة الإعلامية
2012-01-17


بعد عدة مشروعات قوانين سمعنا عنها في سنوات سابقة، أتيحت لي فرصة الاطلاع على المشروع الأخير لقانون بتنظيم الأنشطة الإعلامية والذي وصل بعد اقتراحه من وزير الثقافة والفنون والتراث، إلى مجلس الوزراء ومنه إلى مجلس الشورى لأخذ رأيه فيه. وفي بادرة جميلة من مجلس الشورى تمت مقابلة بعض المعنيين كرؤساء تحرير الصحف العربية ورئيس المجلس الأعلى للاتصالات ليبدوا ملاحظاتهم عليه، ويستفيدوا من خبرات هؤلاء، تجنباً لكل ما يعد انتهاكاً لحرية الإعلام أو تقييداً للحريات الأساسية المكفولة دستورياً كحرية الرأي أو الصحافة أو الطباعة أو النشر.
ولي بعد الاطلاع السريع على مشروع القانون الملاحظات التالية:
أولاً: بينت المادة (6) من المشروع والمتعلقة بإجراءات تقديم طلب الحصول على الترخيص لأي من الأنشطة الإعلامية أن "تتولى الإدارة المختصة البت في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإخطار صاحب الشأن بذلك، بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول. وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر انقضاء هذه المدة دون رد رفضاً ضمنياً للطلب".
ولا شك بأن تسبب القرار الرافض لطلب الترخيص أمر في غاية الأهمية ويدل على أن الأصل في الأمر ممارسة الحق والتمكين منه، وأن دور الإدارة هو تنظيمي بحت، وإن عليها بيان مبرراتها في حال رفض طلب ممارسة مثل هذا الحق، وبذلك تظهر جدية موقفها من عدمه. ولكن، للأسف، جاءت الجزئية التي اختتمت بها الفقرة والمتمثلة في "اعتبار انقضاء الفترة دون رد رفضاً"، لتناقض ما قبلها ولتذهب بكل قيمة حقيقية أرادها المشرع من التسيب.
فهل يعقل أن يشترط المشرع على الإدارة بيان أسباب الرفض من جانب، ثم يقول لها إن لم ترغبي ببيان الأسباب ما عليك إلا الانتظار حتى تمضي الفترة المخصصة وهي شهر فلا تتحملي حينها عناء إيجاد مبررات أو أسباب لرفضك!!
هذا النص المعيب سبق زجه في شأن حق دستوري آخر هو تكوين الجمعيات، فقد ورد للأسف في قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة في المادة (7) منه. وعليه يقترح عدم الأخذ بالجزء الأخير من الفقرة المشار إليها من مشروع القانون، واستبداله بما يأتي: "ويعتبر انقضاء هذه المدة دون رد موافقة ضمنية على الطلب".
ثانياً: جميلٌ ما ذهبت إليه الفقرة الأخيرة من المادة (6) من مشروع القانون والتي أتاحت لمن يُرفض طلبه الطعن أمام القضاء. ذلك أن المادة (3) من قانون الفصل في المنازعات الإدارية رقم (7) لسنة 2007 الساري حالياً للأسف الشديد أخرجت من اختصاص القضاء النظر في القرارات المتعلقة بقانون المطبوعات والنشر. ولا شك أن فيما ذهب إليه مشروع القانون تعزيز لحق التقاضي المكفول دستورياً. لذا نأمل على المشرع التمسك بهذه الفقرة بالنواجذ، ليس ذلك فحسب، بل أيضاً إعادة النظر في المادة (3) من قانون الفصل في المنازعات الإدارية وإلغاء الاستثناءات الواردة فيه حتى لا تحصن قرارات الإدارة وأعمالها دون رقابة القضاء، تكريساً لمبدأ المشروعية.
ثالثا: ورد في البند الرابع من المادة (5) من المشروع ذكر للتأمينات أو الضمانات المالية التي يشترط أن يقدمها طالب الترخيص، وتركت أمر تحديدها للائحة. كما ذكرت المادة (7) الرسوم الواجب أداؤها والتي تحددها اللائحة. هذه النصوص لا بأس بها، ولكن ما يخشى منه أن يُبالغ في قيمة التأمينات والضمانات المالية والرسوم بحيث تحول دون ممارسة هذا الحق. لذا يقترح إضافة أية عبارة تؤكد على مناسبة هذه التأمينات والرسوم وتمنع المبالغة فيها.
رابعاً: ورد في الفقرة الثانية من المادة (19) ما نصه "ولا يجوز أن يكون رأي الصحفي أو المعلومات الصحفية الصحيحة التي ينشرها سبباً للمساس به، كما لا يجوز إجباره على الإفصاح بمصادر معلوماته إلا بأمر من النيابة العامة أو المحكمة المختصة". هذا النص جميل ويكفل حق الصحفي في الاحتفاظ بمصادره وعدم الإفصاح عنها، ولكن الاستثناء الوارد عليه ينبغي إن يقتصر على "أمر المحكمة" دون النيابة العامة. فكل قاضي مستقل ولا سلطان عليه إلا القانون، أما أعضاء النيابة العامة فيخضعون في ممارسة اختصاصاتهم لإشراف رؤسائهم بحسب ترتيب وظائفهم" كما جاء في المادة (5) من قانون النيابة العامة، وصولاً إلى النائب العام، وفي ذلك ما يخشى منه، ومن أن تخرج هذا الضمانة من معناها، لذا نتمنى أن يرفع من الفقرة المذكورة الاستثناء الممنوح للنيابة العامة.
خامساً: وردت في المادة (53) من مشروع القانون جملة من محظورات النشر والبث، جاءت في سبع بنود، نرى إلغاء البنود الأربع الأولى منها والمتعلقة بشأن التحريض على قلب نظام الحكم وتعريض الأمن الداخلي والخارجي للخطر، وغيرها مما يمس الأديان أو الرؤساء، وذلك لسببين الأول: أن الكثير من الأحكام ذات الصلة وردت في قانون العقوبات أصلاً، والسبب الثاني أن السلوكيات المجرمة لم ترد في هذه المادة بشكل قطعي ودقيق، ففي بعضها من الفضفاضية ما يخشى أن يتوسع في استخدامه أو يساء استغلاله.
سادساً: أفرد مشروع القانون للعقوبات فصلاً كاملاً هو الفصل التاسع منه، ويلاحظ رغم عدم النص على عقوبة السجن وهو ما يحمد للمشروع الذهاب إليه، إلا أن العقوبات المالية أو (الغرامات) مبالغ فيها بشكل لا يصدق. فهي عوضاً عن أن تكون عقوبات رادعة عن الإتيان بالخطأ، تحولت إلى إرهاب يمنع الإنسان ممارسة الحق ذاته مخافة الوقوع دون قصد في المحظور، فيغرم بمثل تلك الغرامات الإرهابية. فعلى سبيل المثال تنص المادة (54) من مشروع القانون على العقوبة بالغرامة التي لا تزيد على (1.000.000) مليون ريال! ونقول على سبيل التهكم: إننا لو جمعنا الغرامات التي وردت في كل نصوص قانون العقوبات القطري والتي تتراوح في مجملها "بين خمسة عشر ألف وعشرة آلاف وخمسة آلاف" لما وصلت إلى ما قررته المادة (54) من مشروع القانون. لذا يقترح عدم الخروج عن الهدف الحقيقي من تقرير الغرامة. ولا شك بأن مثل هذه الغرامات تفتح باب السؤال عن مصير من لا يستطيع دفع مثل هذه المبالغ أن هو وقع في أحد المحظورات التي نص عليها القانون. هل سيسجن؟ فنعود بالتالي إلى ذات العقوبات التي عفا عليها الزمن وأدانتها الإنسانية جمعاء.
سابعاً: نصت المادة (64) من مشروع القانون على منح موظفي الإدارة صفة مأموري الضبط القضائي في ضبط وإثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون. ونحن من جانبنا نرى عدم ملائمة هذا النص لعدة أسباب: منها أنه يمكن تحقيق الهدف وضبط المخالفات دون منح موظفي الإدارة هذه الصفة، ومنها إن مجرد النص على هذا الأمر في قانون معني بالإعلام ويؤكد على كفالة حرية الصحافة والطباعة والنشر والبث ويقرر أن وسائل الإعلام لا تخضع للرقابة، يذهب من قيمة كل الضمانات المقررة ويظهر وجه قطر للعالم بصورة غير جميلة. ومنها أن هذا النص سوف يكون حافزاً لموظفي الإدارة في المبالغة في رصد كل ما يشك فيه شأنه بأنه محظور! وفي ذلك خطورة ما بعدها خطورة لاسيَّما إذا كانت المحظورات غير محددة على وجه الدقة.
هذه مجرد نظرات على مشروع القانون، نتمنى أن يخرج بأحسن حلة، ويعزز حرية الإعلام. وهو بلا شك يحتاج للمزيد من الدراسة والتدقيق.
والله من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

الاثنين، 9 يناير 2012

2011 عام الدساتير العربية

2011 عام الدساتير العربية
2012-01-10


 لم يكن عام 2011 مؤججاً للثورات العربية ضد الأنظمة المستبدة والحكام الطغاة فحسب، بل كان أيضاً عام الدساتير العربية. فقد شهدت أغلب الدول العربية من سلطنة عمان شرقاً إلى المملكة المغربية غرباً إما تغييراً لهذه الدساتير أو تعديلاً لها.
ففي اليمن قبل الثورة، رفض نواب المعارضة المشاركة في جلسة 1 يناير 2011، احتجاجاً على التعديلات الدستورية التي كانت تمهد لإعادة انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح مدى الحياة، واعتصموا أمام البرلمان رافعين لافتات كتب عليها "لا لإعادة الانتخاب، لا لتوريث السلطة"، إلا أن البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم أقر هذه التعديلات. ولكن، ما إن أصاب اليمن نسمات الربيع العربي حتى قدم الرئيس صالح؛ بعد أقل من ثلاثة شهور على إقرار البرلمان للتعديلات السابقة؛ مُقترحاً لامتصاص الغضب الشعبي في البلاد، يتمثل في وضع دستور جديد يُستفتى عليه قبل نهاية السنة، ويؤسس لنظام برلماني.
وفي مصر، وبعد نجاح ثورة 25 يناير 2011، طرح المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الاستفتاء في 19 مارس، تعديلات دستورية صاغتها لجنة مختصة برئاسة طارق البشري، وتمت الموافقة عليها بنسبة تزيد على 77% من عدد المصوتين. وهدفت التعديلات إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية، وذلك بتعديل بعض المواد كتلك المتعلقة بشروط المرشح لمنصب الرئاسة، والإشراف على العملية الانتخابية. كما شهدت مصر في هذه الظروف وثيقة المبادئ الأساسية للدستور التي طرحها "علي السلمي"، وانتقدها شق واسع من الأحزاب والساسة المصريين. كما عرفت مصر في 30 مارس 2011 الإعلان الدستوري الذي تبناه المجلس الأعلى للقوات المسلحة لينظم شؤون البلاد حتى العمل بالدستور الجديد الذي سيوضع بعد الانتخابات البرلمانية.
وفي الأردن شكل الملك عبدالله الثاني بن الحسين في أواخر أبريل لجنة برئاسة رئيس الوزراء الأسبق أحمد اللوزي للنظر في أي تعديلات محتملة لمواد الدستور، وقد خلصت هذه اللجنة إلى عدة تعديلات نالت أكثر من 40 مادة، والتي رأت الحكومة بأنها تعزز مبدأ الفصل بين السلطات وإعادة التوازن بينها، بينما رأت المعارضة بأنها تعديلات شكلية ومفرغة من مضمونها.
وفي ليبيا، وقبل سقوط نظام القذافي، أشار سيف الإسلام القذافي في منتصف شهر أبريل إلى دستور جديد لليبيا يحد من صلاحيات والده. وبعد سقوط نظام القذافي، أعلن عبدالرحيم الكيب رئيس الحكومة للفترة الانتقالية عن وضع دستور جديد للبلاد يحدد شكل الدولة.
وفي الجزائر، شهد شهر مايو 2011 نقاشات لتعديل الدستور شملت المواد المتعلقة بمدد الرئاسة، وعلاقة الرئيس بالحكومة، ودعم صلاحيات البرلمان، ومدى إمكانية إلغاء الغرفة البرلمانية الثانية. كما نقل خبر طلب الرئيس بوتفليقة من المجلس الدستوري تحضير مسودة قانون الحريات السياسية.
وفي السودان احتل السؤال عن دستور جديد الأولوية في الشارع السياسي بعد أن رأى البعض انتهاء صلاحية بعض مواد الدستور الحالي بانفصال الجنوب. وقد أكد الرئيس البشير في هذا الجانب أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيس للدستور القادم.
وفي المملكة المغربية تم الاستفتاء في يوليو 2011 على التعديلات التي نالت دستور 1996، حيث بادر الملك محمد الخامس على أعقاب تظاهرات حركة 20 فبراير إلى إنشاء لجنة لمراجعة الدستور لمنح المزيد من الصلاحيات لرئيس الحكومة والمزيد من الاختصاصات التشريعية للبرلمان وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي سوريا، وفي إطار جهوده المضنية لاحتواء ثورة الشعب، وإطلاع العالم الخارجي بأنه يسير في طريق الإصلاح، شكل الرئيس السوري بشار الأسد في منتصف أكتوبر لجنة كلفت بصياغة دستور جديد، بحيث تنتهي اللجنة من عملها في غضون أربعة أشهر.
وبعدها بأيام شهدت سلطنة عمان تعديلاً دستورياً نال العديد من مواد النظام الأساس للدولة لاسيَّما تلك المتعلقة بمجلس الشورى ومنحه حق إقرار مشاريع القوانين واستجواب وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بمهامهم ورفع نتيجة ذلك إلى السلطان.
أما تونس التي شهدت في أواخر أكتوبر انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، أقر هذا المجلس في 11 ديسمبر دستوراً مصغراً مؤقتاً للبلاد ينظم السلطات في البلاد مؤقتاً.
ومن موريتانيا، نقلت الصحف في أواخر العام الماضي خبر تعديلات دستورية مرتقبة تهدف إلى تقليص صلاحيات الرئيس وسيتم اعتمادها خلال اجتماع مشترك لغرفتي البرلمان.
وأخيراً، في البحرين وبعد أزمة شهدتها البلاد خلال عام 2011، أحالت الحكومة البحرينية مطلع هذا الأسبوع مشروع تعديل الدستور الذي يهدف إلى تعزيز دور السلطة التشريعية وإعطائها صلاحيات أوسع.
لا شك أن سقوط بعض هذه الدساتير، وتعديل نصوص البعض الآخر منها، مرتبط بشكل حتمي بغضب الشعوب العربية الذي شهده عام 2011. فهذه الثورات جاءت لتفك الشعوب المستعبدة من قيد الأنظمة الظالمة وتمنحها الحرية. فدستور العدالة لا يحيا إلا في بيئة الحرية. أما دساتير الأنظمة الفاسدة فهي إما نصوص نظرية لا تغادر مبادئها وحرياتها الورق الذي كتبت عليه، أو نصوص مستبدة ككاتبها، وضعت لتكرس الحكم المطلق وتكفل استمرار جوره وطغيانه. فبسقوط هذه الأنظمة سقطت دساتيرها الظالمة، وبسياط الرعب من السقوط خشيت أنظمة أخرى على أنفسها فأسقطت بعض المواد من دساتيرها واستبدلتها بمواد أخرى لعلها تتجنب ما حل بمثيلاتها.
والله من وراء القصد.
halsayed@qu.edu.qa

الاثنين، 2 يناير 2012

البرلمانات الطلابية

البرلمانات الطلابية
2012-01-03


في الأسبوع الماضي أتيحت لي فرصة رائعة للالتقاء بأعضاء البرلمانات الطلابية في قطر، وذلك أثناء محاضرة نظمتْها مدرسة عبدالرحمن بن جاسم الإعدادية المستقلة للبنين. كان عدد المدارس المشاركة سبع عشرة مدرسة وكان عدد الطلبة كبيراً، وهي المرة الأولى التي ألقي فيها محاضرة أمام طلبة لا تتجاوز أعمارهم سن الخامسة عشر. وخشيت من أسلوب المحاضرة والتي يكون المتحدث فيها شخص واحد هو المحاضر، يتحدث طوال الوقت والبقية منصتون وكأن على رؤوسهم الطير!، وهو ما يخالف جوهر مفهوم العمل البرلماني الذي يعتمد على الحوار والاستماع للطرف الآخر والمناقشة، لذا وحتى لا يغزو الملل نفوس الطلبة قبل أن يغزو الطير رؤوسهم، فضلت أن تعتمد محاضرتي على الحوار والاستماع للطرف الآخر مع تزويدهم ببعض المعلومات ذات العلاقة، وقد نجح الأسلوب واستطعت إشراك الطلبة معي في الحوار، كما تلهف للمشاركة المدرسون المرافقون وأعضاء مجلس أمناء المدرسة الذين شرفوني بحضورهم.
إن من الأهداف التي يطمح لها المجلس الأعلى للتعليم من وراء تفعيل البرلمان الطلابي: إشراك الطلبة في الممارسات الديمقراطية في المدرسة من خلال إتاحة الفرصة أمامهم لتبادل الآراء وعرض مشاكلهم المدرسية واقتراح الحلول المناسبة لها، وخلق قناة تواصل بين الطلبة والهيئة الإدارية والتدريسية، وتعزيز روح القيادة لدى أعضاء البرلمان الطلابي، وتعميق مبدأ الانتماء للمجتمع (أو المواطنة)، وخلق جيل قادر على تحمل المسؤولية، وتعويده على مهارات الإدارة والحوار والمناقشة واحترام الرأي الآخر.
وحتى لا تبقى هذه الأهداف في إطارها النظري ألزم المجلس الأعلى للتعليم مكتب المدارس المستقلة بمتابعة مدى تفعيل التوصيات من خلال المدرسة، وعقد اجتماعات مع رؤساء البرلمانات للتواصل معهم بصورة مباشرة، واستلام تقرير دوري من رئيس البرلمان بواقع مرة كل فصل دراسي عن سير العمل متضمناً التوصيات وما تم بشأنها.
من الأسئلة التي تم طرحها في هذا اللقاء: ما المقصود بالبرلمان، والبرلمان الطلابي على وجه الخصوص؟، وما هي اختصاصات وصلاحيات البرلمان عموماً؟ وهل هناك سقف للعمل البرلماني لا يتم تجاوزه؟ وإن كان يوجد فلماذا؟ ولماذا قاموا بترشيح أنفسهم للبرلمان الطلابي؟ وهل البرلمان الطلابي شكلي أم بالفعل حقق أهدافه؟ وكم توصية أو اقتراح تم تقديمه لإدارة المدرسة فقبلته واعتمدته؟ وهل استفادوا من تجربتهم؟ وهل سوف يرشحون أنفسهم في السنة القادمة؟ كما تم مناقشة الطلاب في برنامجهم الانتخابي والفعاليات التي قامت بها البرلمانات الطلابية في المدارس.
وقد قدم الطلبة لي بعض النماذج الإبداعية للأعمال التي قاموا بها، إذ كنت أخشى أن يقتصر دورهم فقط على المشاركة في تنظيم الاحتفالات والأنشطة غير الصفية! لكن ما عرضوه كان خارج هذا النطاق ويصب في تقديم حلول لبعض المشاكل المدرسية، أو الظواهر السلبية التي يتعرض لها من هم في أعمارهم، وتنظيم عملهم واستخدام وسائل لقياس نجاحهم في حل المشكلات.
انبهرت حقيقةً من جرأة شبابنا الصغار وثقتهم بأنفسهم وفصاحتهم ومبادرتهم في المشاركة والإجابة على الأسئلة ونقل تجاربهم، وعمق معلوماتهم بشأن العمل البرلماني.
خرجت من لقائنا هذا بإيمان عميق بأهمية هذه التجربة وأهمية دعمها وتعزيزها لخلق جيل رائع يؤمن بالمواطنة والحوار والمساواة والحرية، ويرفض الاستبداد والفساد ويؤمن بالمشاركة في اتخاذ القرار. فالمستقبل لهذا الجيل، وعندها "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
والله من وراء القصد