السبت، 29 ديسمبر 2012

كلمة الدكتور حسن السيد حفل تخريج طلاب جامعة قطر 2012

كلمة الدكتور حسن السيد
حفل تخريج طلاب جامعة قطر
27 ديسمبر 2012







الحضور الكريم
أجد من الواجب علي في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل للأستاذة الدكتورة الفاضلة شيخة بنت عبدالله المسند لمنحي شرف إلقاء هذه الكلمة أمام هذا الجمع الكريم، ضيوف وزملاء وطلبة.

عند كتابتي لهذه الكلمة أخذت يد الذاكرة تقلب صفحات أيامي سريعاً بشكل عكسي وتعود بها إلى الوراء حيث توقفت لبرهة عند السطور التي دونت ذلك الحدث! إنه حدث بسيط وخاص...لكنه هام بالنسبَةِ لي... إذ رسم مستقبلي.... إنه مجرد حوار ونقاش روتيني اعتاد أخوتي واخواتي أن يخوضونه كلما التم جمع الأسرة بعد وجبة غداء أو عشاء... نتحلى فيه بتناول أشهى ما قد يطرحه أحدنا على مائدة الحوار مما يتعلق بشؤون الحياة اليومية أو الاحداث الجارية سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية... اعتادت أسرتي على جو الحرية بفضل تسامح أبي وشغف أخوتي بالقراءة والمطالعة.... وكان الحوار غالباً ما يأخذ طابع المناظرة بين مؤيد ومعارض ومستمع... كنت صغيراً حينها لم يتجاوز عمري الرابعة عشر...في ذلك اليوم شاركت في الحوار وبينت وجهة نظري، وغلبت رأي أحد أخوتي على رأي آخر ابداه أحدهم، لم أعد أذكر عما كان يدور... لكنني أذكر جيداً إعجاب أخي الكبير ابراهيم بما قلته، فقال معقباً: لماذا لا تدرس القانون، هكذا فجأة! جملة اعتراضية لا تمت بموضوع الحوار بصلة، ربما أعجبته حجتي فرأى أنني محام جيد استطاع أن يقنع الحضور بوجهة نظره أو قاض متميز استطاع أن يمحص الحجج، ويغلب إحداها على الأخرى ويفصل في الأمر.... انتهى الحوار بتسرب كلٍ منا إلى شأنه... ولكنه لم ينته بالنسبة لي، فقد تعلقت كلمات أخي في ذهني ولامست قلبي... القانون... القانون.. نعم القانون... سأتخصص في القانون، سأكون محامياً أو قاضياً... لكني لا أزال في المرحلة الاعدادية! والطريق ما زال بعيداً....فهل سيتغير هذا الهدف الذي وضعته الصدفة أمام ناظري؟
       أثبتت لي التجربة بأن تحديد الهدف يجعل الذهن حاضراً منتبهاً والعين لاقطة لكل ما يمت بالهدف بصلة... وهذا ما حصل لي فعلاً إذ أصبحت الاحظ كل اشارة للقانون ترد في الصحف أو الإذاعة وكأنني معني بها....في تلك الفترة أُعجبت بغاندي ونضاله السلمي لتحرير بلده ربما كان سبب اعجابي الكبير به لا يقتصر على حكمته ونقاء مبادئه فحسب، بل لأنه درس القانون أيضاً.
       أصبحت عربة الزمن تمر سريعاً على مفترقات الطرق...فها أنا في الثانوية أفضل التخصص الأدبي على العلمي، لأن من استشرتهم اجمعوا بأنه الأنسب لدراسة القانون في المستقبل...
في تلك المرحلة اكتشفت بأن جامعة قطر ليس بها تخصص القانون وإنني إن رغبت في بعثة دراسية في الخارج فيجب أن تكون نسبتي في الثانوية العامة عالية جداً.....نعم إنه الهدف مرة أخرى فتحديده والتعلق به والتطلع لنيله يدفع المرء إلى التفوق دفعاً، وهذا ما كان فعلاً....
وها أنا ذا اتجه إلى الكويت، حيث كلية الحقوق العريقة التي أنشئت عام 1967 واصبحت تستقطب بمرتباتها العالية أفضل اساتذة القانون في العالم العربي والمشهورة بإلزامية الحضور فيها وصرامة وجدية الدراسة بها، لم تكن هذه الكلية منهلاً لاشباع روحي المتعطشة لهذا التخصص فحسب بل كانت مسرحاً للندوات والوقفات التي تربط الكلية بالأحداث الجارية في المجتمع والعالم.... كان المشهد يبهر من يمشي في أروقتها أو يجلس على مدرجاتها أو يتأمل فيما يثيره محاضريها من أسئلة... أفاقٌ جديدةٌ وجسدٌ حيٌ ونابض.
لا زلت أتذكر كلمات أحمد أحد زملاء السكن الجامعي: ما لك وهذا التخصص، أتعلم بأنه لم ينجح أحد في الفصل الماضي! لا اخفي عليكم كم أقلقتني تلك الكلمات في لحظتها، لكن كان لها الفضل في بذل المزيد من الجهد والمزيد من الاهتمام...وأصبحت اجني التفوق وأصبحت أبرهن لأحمد عدم دقة كلامه.
توقفت الدراسة في الكويت بسبب احتلالها من جارٍ جارَ عليها.. وتوقفت الخطوات نحو تحقيق الحلم، وعدنا إلى قطر الحبيبة...حاولت جاهداً كسر هذا الجمود بمراسلة العديد من كليات الحقوق الأخرى في العالم العربي إلا أن عدم الرد من بعضها وبطئ إجراءات البعض الآخر لم يسعف في تجاوز العطل، وعرض علي حينها العمل في احدى الوزارات بمرتب جاذب لكن مجرد الخشية من الالتهاء به عن تحقيق الهدف جعل الرد على هذا العرض هو الرفض قطعاً.. وعادت الكويت حرة.... وعدت لها بإصرار أكبر وشغف حالم وساحر...
وها هي الذاكرة تقف عند حدثٍ آخر ... حدثٍ بسيطٍ آخر أعاد رسم مستقبلي ورفع من سقف طموحي. كنت متفوقاً في مقرر الدستوري (1) متمكناً منه، وكثيراً ما كنت أشرح الغامض من دروسه لبعض أصدقائي وزملائي الطلبة، إلا أن نتيجة الدستوري (2) الذي أخذته في فصل آخر ومع أستاذ آخر كانت: الرسوب، ولأول مرة أحصل على هذا التقدير، رأيت أستاذ المقرر وكلي ثقة بأن خطأ ً ما قد وقع....كان الأستاذ ساخراً ، كان الطرف الأقوى في هذه المعادلة المعقدة والجائرة... سبب لي هذا الحدث حينها شيئاً من الألم وشيئاً من الغضب....لكن الحب العميق الذي بداخلي وثقتي بذاتي مكناني من تجاوز الأمر.... وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لك، ألقى هذا الحدث أمام بصيرتي هدفاً جديداً وتحدٍ جديد.... نعم سأتخرج من الكويت وسأكون معيداً في قسم القانون الذي فتح حديثاً في جامعة قطر، وسأواصل دراستي العليا....وسأكون أستاذاً في القانون الدستوري. أقسمت على الله أن يمكنني من تحقيق ما رسمته لنفسي. وقد كان... وقد بر الله بقسمي.. أنه الهدف مرة أخرى....فلو تعلق قلب أحدكم بالثريا لنالها....
ومن الكويت خليجياً إلى الأردن عربياً حيث نلت شهادة الماجستير في القانون من الجامعة الأردنية،  ومن الأردن عربياً إلى بريطانيا دولياً حيث نلت شهادة الدكتوراه في القانون من جامعة إيست أنجيليا.
أنها سنوات عديدة تجاوزت العشر مليئةٌ بالأحداث والمواقف والتجارب ...منها ما امتزج برائحة القلق والحيرة والاحباط ومنها ما اهتز لنشوة النجاح والتفوق والتميز....لم أعد أذكر الكثير من تفاصيلها.... لكن ما زلت أحتفظ في وجداني بشيءٍ رائع.....أنه سر تفوقي ...أتعلمون ما هو؟... إنه دعاء أمي القديم.... أمي تلك المرأة الرائعة... التي أنشدت لي أنشودة الحب ....ورأيت في عينيها الناعستين كلمات الحب .....وشعرت بين أحضانها بدفء الحب، .....فسبقتني إلى حضن من أحب،... فأمتزج جسدها الطاهر بثرى قطر الطاهرة.
إلى أمي التي غيبها الموت قبل أن أنهي دراستي وبعثتي .....
وإلى أمي الخالدة قطر التي احتضنت جسد أمي.....
إليكما معاً ....أهدي كل كلماتي.....

وإلى أبنائي الخريجين، أقول: ألف ألف مبروك.... ها أنتم قد حققتم بتخرجكم الهدف، وها أنتم على عتبات مرحلة جديدة فلتكن لكم أحلام جديدة... أهداف جديدة.... أهداف كبيرة. وأعلموا أنها لن تكون كبيرة إلا إذا ارتبطت بحب الوطن، بحب قطر. فلتكن أهدافنا جميعاً مرتبطة بحب قطر.  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....




الخميس، 15 نوفمبر 2012

لماذا لم يصدر قانون علم الدولة إلى الآن؟





يمثل علم الدولة - مع شعارها وشارتها ونشيدها - أحد الرموز القانونية التي تحرص الدول على تحديدها وبيانها، فهو عنوان الانتماء، تحمله المباني الحكومية والبرلمانات ومجالس القضاء في إقليم الدولة، ويرفع في عرض البحر على السفن والبواخر، ويرفرف بعيداً على مبان السفارات. رفعه المناضلون لتحرير أوطانهم وطرد المستعمر، ورفعه المتميزون في جميع المجالات انتماءا وعرفاناً بالجميل لأوطانهم، ورفع على قمم الجبال، وعلى سطح القمر.
          لذلك كله، لا نعجب إذا جاءت قوانين العقوبات في الدول المختلفة لتنص على معاقبة من يهين العلم، فالمادة (138) من قانون العقوبات القطري[2] على سبيل المثال تنص على أن : (يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على خمسة عشر ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أهان بإحدى الطرق العلانية علم الدولة، أو علم دولة غير معادية، سواء بإتلافه، أو إنزاله، أو بأي عمل آخر يعبر عن الكراهية والازدراء).
          ولأهمية العلم تذهب العديد من الدول إلى تحديد شكله ومقاييسه وألوانه في صلب دساتيرها، فالمادة (3) من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال تنص على أن يكون لون علم الدولة أخضر، عرضه يساوي ثلثي طوله، تتوسطه كلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تحتها سيف مسلول...، والمادة (5) من دستور الجمهورية اللبنانية تنص على أن العلم اللبناني أحمر فأبيض فأحمر أقساماً أفقية تتوسط الأرزة القسم الأبيض بلون أخضر....، وإلى بيان شكل العلم ومقاييسه ذهبت المادة (4) من دستور المملكة الأردنية الهاشمية، والمادة (4) من دستور الجمهورية التونسية والمادة (7) من دستور المملكة المغربية.[3]
          وقد تترك دساتير دول أخرى تحديد علم بلادها إلى تشريع أدنى ليبينها كالقانون مثلاً، ومن هذه الدساتير الدستور الدائم لدولة قطر الذي نص في المادة (3) منه على: (أن يحدد القانون علم الدولة...). وإلى حكم مماثل ذهبت المادة (5) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، والمادة (3) من دستور مملكة البحرين.[4]
          وعلى الرغم من أن الدستور لدينا في دولة قطر نص على أن يحدد القانون علم الدولة إلا أن هذا القانون لم يصدر بعد !!، علماً بأن حكم هذه المادة في الدستور الدائم مماثل لما ورد في المادة (3) من النظام الأساسي المؤقت المعدل لدولة قطر (دستور 1972)، ومثل هذا الحكم ورد أيضاً في النظام الأساسي المؤقت لدولة قطر (دستور 1970).  لذا يحق لنا أن نتساءل عن سبب تأخر صدور مثل هذا القانون على الرغم من مضي أكثر من 35 عاماً على استقلال دولة قطر، ومضي عشرات العقود على تبني أهل قطر لعلمهم على الهيئة المعروفة لنا الآن، ويتكون من:
          اللون الأبيض: رمز النقاء والصفاء والسلام، والأحمر القاني (عنابي): رمز التضحية والسمو والفداء، وأسهم تسعة: ترمز إلى التكاتف والتعاون والإخاء، هذا هو علم بلادي وإن لم يصدر قانون ليحدده.





[1]  نشرت في جريدة الشرق القطرية، الثلاثاء 20 نوفمبر 2007.
[2]  القانون رقم (11) لسنة 2004 بإصدار قانون العقوبات الصادر بتاريخ 10/5/2004. نشر في الجريدة الرسمية في العدد السابع بتاريخ 30 مايو 2004، أنظر أيضاً: تشريعات عام 2004، الجزء الأول، ص: 53، منشورات إدارة الفتوى والعقود بوزارة العدل القطرية.
[3]  للإطلاع على الدساتير العربية أنظر مؤلف: دساتير الدول العربية، إعداد قسم الدراسات الانتخابية والقانونية في مركز بيروت للأبحاث والمعلومات، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2005.
[4]  للمقارنة بين دساتير الدول العربية أنظر دستور الكويت والدساتير العربية المعاصرة، د. محمود حلمي، ذات السلاسل، الكويت، 1989، و أنظر أيضاً مؤلف: دساتير الدول العربية، المرجع السابق.

السبت، 11 أغسطس 2012

ضمانات المعتقل في الاتفاقيات العربية والاسلامية والدولية

ضمانات المعتقل في الاتفاقيات العربية والاسلامية والدولية




الميثاق العربي لحقوق الانسان


المادة (٨)
 1– حظر  تعذيب أي شخص بدنيا أو نفسيا أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنسانية.
2- تحمي كل دولة طرف كل شخص خاضع لولايتها من هذه الممارسات ، وتتخذ التدابير الفعالة لمنع ذلك وتعد ممارسة هذه التصرفات أو الإسهام  فيها جريمة يعاقب عليها لا تسقط بالتقادم. كما تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض للتعذيب وتمتعه بحق رد الاعتبار والتعويض.


المادة (١٣)
1- لكل شخص الحق في محاكمة عادلة تتوفر فيها ضمانات كافية وتجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة ومنشأة سابقا بحكم القانون، وذلك في مواجهة أية تهمة جزائية توجه إليه أو للبت في حقوقه أو التزاماته، وتكفل كل دولة طرف لغير القادرين ماليا الإعانة  العدلية للدفاع عن حقوقهم.
2- تكون المحاكمة علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الانسان.


المادة (١٤)
1- لكل شخص الحق في الحرية والامان على شخصه، ولا يجوز توقيفه أو تفتيشه أو اعتقاله تعسفا وبغير سند قانوني.
2- لا يجوز حرمان أي شخص من حريته الا للأسباب  والاحوال التي ينص عليها القانون سلفا وطبقا للإجراءات  المقرره فيه .
3- يجب إبلاغ  كل شخص يتم توقيفه، بلغة يفهمها، بأسباب ذلك التوقيف لدى وقوعه، كما يجب إخطاره فورا بالتهمة أو التهم الموجهة إليه، وله حق الاتصال بذويه.
4- لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الطلب في العرض على الفحص الطبي، ويجب إبالغه بذلك.
5- يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية دون تأخير أمام أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا بمباشرة وظائف قضائية، ويجب أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو يفرج عنه. ويمكن أن يكون الافراج عنه بضمانات تكفل حضوره للمحاكمة. وفي كل الأحوال  لا يجوز أن يكون الحبس الاحتياطي هو القاعدة العامة.
6- لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة مختصة تفصل دون إبطاء في قانونية ذلك، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان توقيفه أو اعتقاله غير قانوني.
7- لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال تعسفي أو غير قانوني الحق في الحصول على تعويض.


المادة (١٦)
 كل متهم برئ حىت تثبت إدانته بحكم بات وفقا للقانون، على أن يتمتع خلال إجراءات التحقيق والمحاكمة
بالضمانات الدنيا التالية:

 1- إخطاره فورا بالتفصيل وبلغة يفهمها بالتهم الموجهة إليه.
2- إعطاؤه الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد دفاعه والسماح له بالاتصال بذويه.
3- حقه في ان يحاكم حضوريا أمام قاضيه الطبيعي وحقه في الدفاع عن نفسه شخصيا، أو بواسطة محام يختاره بنفسه ويتصل به بحرية وفي سرية.
4- حقه في الاستعانة مجانا بمحام يدافع عنه إذا تعذر عليه القيام بذلك بنفسه أو إذا اقتضت مصلحة العدالة ذلك، وحقه إذا كان لا يفهم أو لا يتكلم لغة المحكمة في الاستعانة بمترجم بدون مقابل.
5- حقه في أن يناقش شهود الاتهام بنفسه أو بواسطة دفاعه، وحقه في استحضار شهود النفي بالشروط المطبقة في استحضار شهود الاتهام.
6- حقه في أن الا يجبر على الشهادة ضد نفسه أو أن يعترف بالذنب.
 7- حقه إذا أدين بارتكاب جرمية في الطعن وفقا للقانون أمام درجة قضائية أعلى.
8- وفي جميع الأحوال للمتهم الحق في أن تحترم سالمته الشخصية وحياته الخاصة.







إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام
تم إجازته من قبل مجلس وزراء خارجية منظمة مؤتمر العالم الإسلامي ،القاهرة، 5 أغسطس 1990


المادة ١٨
أ- لكل إنسان الحق في أن يعيش آمنا علي نفسه ودينه وأهله وعرضه وماله.
ب- للإنسان الحق في الاستقلال بشؤون حياته الخاصة في مسكنه وأسرته وماله واتصالاته، ولا يجوز التجسس أو الرقابة عليه أو الإساءة إلي سمعته وتجنب حمايته من كل تدخل تعسفي.
ج- للمسكن حرمته في كل الأحوال ولا يجوز دخوله بغير إذن أهله أو بصورة غير مشروعة، ولا يجوز هدمه أو مصادرته أو تشريد أهله منه.
المادة 19
أ- الناس سواسية أمام الشرع، يستوي في ذلك الحاكم والمحكوم.
ب- حق اللجوء إلي القضاء مكفول للجميع.
ج- المسؤولية في أساسها شخصية.
د- لا جريمة ولا عقوبة إلا بموجب أحكام الشريعة.
هـ- المتهم برئ حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة تؤمن له فيها كل الضمانات الكفيلة بالدفاع عنه.
المادة 20
لا يجوز القبض علي إنسان أو تقييد حريته أو نفيه أو عقابه بغير موجب شرعي. ولا يجوز تعريضه للتعذيب البدني أو النفسي أو لأي من أنواع المعاملات المذلة أو القاسية أو المنافية للكرامة الإنسانية، كما لا يجوز إخضاع أي فرد للتجارب الطبية أو العلمية إلا برضاه وبشرط عدم تعرض صحته وحياته للخطر، كما لا يجوز سن القوانين الاستثنائية التي تخول ذلك للسلطات التنفيذية.
المادة 21
أخذ الإنسان رهينة محرم بأي شكل من الأشكال ولأي هدف من الأهداف.
المادة 22
أ- لكل إنسان الحق في التعبير بحرية عن رأيه بشكل لا يتعارض مع المبادئ الشرعية.
ب- لكل إنسان الحق في الدعوة إلي الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفقا لضوابط الشريعة الإسلامية.
ج- الإعلام ضرورة حيوية للمجتمع، ويحرم استغلاله وسوء استعماله والتعرض للمقدسات وكرامة الأنبياء فيه، وممارسة كل ما من شأنه الإخلال بالقيم أو إصابة المجتمع بالتفكك أو الانحلال أو الضرر أو زعزعة الاعتقاد.
د- لا يجوز إثارة الكراهية القومية والمذهبية وكل ما يؤدي إلي التحريض علي التمييز العنصري بكافة أشكاله.
المادة 23
أ- الولاية أمانة يحرم الاستبداد فيها وسوء استغلالها تحريما مؤكدا ضمانا للحقوق الأساسية للإنسان.
ب- لكل إنسان حق الاشتراك في إدارة الشؤون العامة لبلاده بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما أن له الحق في تقلد الوظائف العامة وفقا لأحكام الشريعة.








الاعلان العالمي لحقوق الانسان

المادة 3
لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى الأمان على شخصه.
المادة 4
لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
المادة 5
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
المادة 8
لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.
المادة 9
لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا.
المادة 10
لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه.
المادة 11
1. كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه.
2. لا يدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي.
المادة 12
لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمس شرفه وسمعته. ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات.







العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966
تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49


المادة 7
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر.
المادة 9
1. لكل فرد حق في الحرية وفى الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه.
2. يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه.
3. يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه. ولا يجوز أن يكون احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو القاعدة العامة، ولكن من الجائز تعليق الإفراج عنهم على ضمانات لكفالة حضورهم المحاكمة في أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية، ولكفالة تنفيذ الحكم عند الاقتضاء.
4. لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني.
5. لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني حق في الحصول على تعويض.
المادة 10
1. يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني.
2. (أ) يفصل الأشخاص المتهمون عن الأشخاص المدانين، إلا في ظروف استثنائية، ويكونون محل معاملة على حدة تتفق مع كونهم أشخاصا غير مدانين،
(ب) يفصل المتهمون الأحداث عن البالغين. ويحالون بالسرعة الممكنة إلى القضاء للفصل في قضاياهم.
3. يجب أن يراعى نظام السجون معاملة المسجونين معاملة يكون هدفها الأساسي إصلاحهم وإعادة تأهيلهم الاجتماعي. ويفصل المذنبون الأحداث عن البالغين ويعاملون معاملة تتفق مع سنهم ومركزهم القانوني.

الثلاثاء، 29 مايو 2012

د. حسن السيد يتهم "حقوق الإنسان" باقتباس مقال "3 دقائق قانون" دون الإشارة لكاتبه

د. حسن السيد يتهم "حقوق الإنسان" باقتباس مقال "3 دقائق قانون" دون الإشارة لكاتبه

 
د. حسن عبدالرحيم السيد
01:56 ص
30 مايو 2012
الدوحة — الشرق:

نشرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي لسنة 2011 مؤخراً على موقعها الرسمي على الشبكة العنكبوتية، وقد اعتادت اللجنة من خلال تقريرها على رصد التطورات التشريعية والشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان في دولة قطر.
وامتازت العديد من تقارير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالموضوعية والجرأة، ولكن "الشرق" فوجئت عند قراءتها للتقرير السنوي الأخير للجنة عن عام 2011 وبالتحديد في القسم الخاص بالتطورات التشريعية بدولة قطر وبشأن "القرار الأميري رقم 75 لسنة 2011 بشأن هيئة الرقابة الإدارية والشفافية" بأن التقرير قام بنقل فقرات كاملة من مقال الزميل الدكتور حسن السيد أستاذ القانون الدستوري المشارك بجامعة قطر، والقاضي في محكمة مركز قطر للمال المنشور في (الشرق) بتاريخ 6 ديسمبر 2011.
وكانت المفاجأة أن معد التقرير لم يكلف نفسه حتى إعادة صياغة المقال بأسلوبه بل اكتفى بنقله حرفيا عن المقال المشار إليه دون الإشارة من قريب أو من بعيد إلى مصدر المقال أو كاتبه الدكتور حسن السيد.
ولما كان المقال لا يعتبر مجرد عرض للقرار الأميري السابق الذكر، بل تضمن رأي الدكتور حسن السيد كأحد خبراء القانون، حيث تناول بعض مواد القرار الأميري المشار إليه بالبحث والتحليل، كما قدم كاتب المقال توصياته بشأن تلك المواد، ومن ثم فإن نقل معد تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لهذا المقال ونسبته للجنة دون الإشارة إلى مصدر المقال أو كاتبه يعد انتهاكا لحقوق الملكية الفكرية التي يجدر باللجنة أن تكون أول من يحميها.
وقد حملت الصفحة رقم 27 من التقرير على متنها 3 فقرات تم نقلها حرفيا من مقال الزميل الدكتور حسن السيد المنشور في الشرق، كما حملت الصفحة 28 من التقرير هي الأخرى فقرتين تم نقلهما حرفيا من المقال المشار إليه، علاوة على قيام معد التقرير بإجراء تغييرات طفيفة على صياغة الفقرة الأولى وذلك على متن الصفحة 26 من التقرير.
*نقل او اقتباس
ومن جانبه أبدى الدكتور حسن السيد استغرابه مما حدث، وقال في تصريحات لـ(الشرق)" أنا متأكد أن ما حدث لن يرضي رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ولا أعضاء مجلس إدارتها".
وحول علمه أو استئذانه بنقل أو اقتباس مقاله في تقرير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لعام 2011 أكد الدكتور حسن السيد أنه لم يتلق أي اتصالات من اللجنة قبل إعداد التقرير ولا بعده ولم يستأذنه أحد لنقل أو اقتباس ما جاء في المقال، مشيرا إلى أن التقرير لم ينسب الفقرات التي تم اقتباسها إليه بل قام معد التقرير بتغيير العبارات الأولى ليظهر أن ذلك الجهد محض اجتهاد ورأي اللجنة.
كما أبدى الدكتور حسن السيد اندهاشه الشديد من وقوع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في مثل هذا الفعل وهي المعنية بالحقوق والحريات العامة ورصد انتهاكاتها والدفاع عنها.
وحول اعتزامه القيام بإجراءات قانونية ضد اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من عدمه أوضح الدكتور حسن السيد أنه لا ينوي ذلك خاصة أنه ومن خلال معرفته برئيس اللجنة وأعضائها الأفاضل يعلم أن ذلك الأمر لا يرضيهم وانه قد حدث دون علمهم.
وأضاف"ولكني أطالب اللجنة بتقديم اعتذار رسمي مكتوب لي، وأن يتم تصحيح التقرير بإضافة ما يشير الى أن هذه الفقرات تم اقتباسها من مقالي المنشور في جريدة (الشرق) في عددها الصادر يوم الثلاثاء 6 ديسمبر 2011، كما أطالب بمحاسبة معد التقرير".
وتابع قائلا "وأنا على يقين أن رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وأعضاء مجلس إدارتها لن يترددوا في إحقاق الحق".
وتمنى الدكتور حسن السيد خلال تصريحاته من اللجنة العمل على إشراك خبراء وأساتذة القانون في إعداد التقارير السنوية في المستقبل لتجنب مثل هذه الأخطاء لكي تتسم تقارير اللجنة بالنظرة العميقة المتفحصة عوضا عن نقلها لأفكار الآخرين دون الإشارة إليهم.
ولفت الدكتور حسن السيد إلى أن الإشارة إلى مصدر المعلومة أو صاحب الرأي لا تقلل نهائيا من قيمة التقارير والبحوث والدراسات بل هي واجب علمي وقانوني وأدبي.

الخميس، 1 مارس 2012

الاستفتاء كأسلوب لشرعنة الاستبداد

الاستفتاء كأسلوب لشرعنة الاستبداد
2012-02-28


يعد الاستفتاء أحد وسائل الديمقراطية شبه المباشرة حيث يتم الرجوع إلى الشعب لأخذ رأيه في موضوع عام أو قضية هامة كاعتماد دستور للدولة أو الموافقة على تعديل بعض نصوصه أو للانضمام إلى اتفاقية معينة، أو انفصال إقليم ما عن الدولة، أو حصول إقليم على استقلال ذاتي، وهكذا.
والرجوع إلى الشعب لأخذ رأيه في قضية ما هو تأكيد على مبدأ سيادة الشعب لذا يفترض ابتداءً أن يمارس الاستفتاء في دولة يكون الشعب فيها مصدر السلطات، ويتداول فيها الحكم والوصول إلى مؤسسات صنع القرار السياسي سلمياً ودورياً عبر آلية الانتخابات الحرة والنزيهة. فالاستفتاء لا يمكن أن يكون فعالاً أو منتجاً في دول ذات أنظمة ملكية مطلقة، أو في أنظمة دكتاتورية انتزعت الحكم من الشعب بالغلبة والقهر.
وفي أنظمتنا العربية الملكية أو الدكتاتورية تجرى الاستفتاءات في الغالب إما لاختيار رئيس الجمهورية أو للتمديد لفترة رئاسته ومنحه ولاية جديدة أو لاعتماد مشروع دستور جديد أو تعديل مواد دستور قائم. وفي جميع الحالات أي سواء ارتبط الاستفتاء بالدستور أو باختيار الرئيس أو التجديد له، فإن الأمر في جوهره لا يخرج عن كونه وسيله لتعميق الاستبداد والانفراد بالسلطة. ففي جمهورية مصر العربية على سبيل المثال جدد للرئيس السابق حسني مبارك لولاية جديدة في استفتاء 1987، ثم جدد له ثانية في استفتاء 1993، ثم جدد له لولاية ثالثة في عام 1999، ثم للمرة الرابعة عام 2005، ولولا الثورة التي اضطرته للتنحي عن الحكم لظل متشبثاً به ولأسفر الاستفتاء عن التجديد له لولاية خامسة في 2011. كما أن الاستفتاءات التي تمت في مصر عام 2005 وعام 2007 لتعديل أكثر من 34 مادة دستورية ومنها المادة (76) كان الهدف منها استمرار حكم مبارك وتوريثه لنجله جمال كما يذهب الكثير من المعنيين.
وبعيداً عن الاستفتاءات الخاصة بالرئاسة أو بتمديد الولاية والتي يفترض إلا تقام في حقيقة الأمر إلا عبر انتخابات حرة ونزيهة، تتصف بالمساواة في حق الترشح للرئاسة بين المواطنين دون تحديد شروط إقصائية أو مفصلة لتناسب شخصاً بعينه. فإن الاستفتاء على مشروع دستور أو تعديل بعض مواد الدستور لا يقل عنه خطورةً ولا يخلو من الانتقاد، لاسيَّما إن كان المشروع المستفتي عليه قد وضع عن طريق لجنة معينة من قبل الحاكم كما كان حال مشروع الدستور السوري 2012، ومشروع تعديل مواد الدستوري المغربي 2011 ومشروع الدستوري القطري 2003.
وتكمن خطورة الاستفتاء في أن نتيجته تعتمد على من قام بالتصويت فعلاً. فلو صوت على سبيل المثال مائة ألف وقاطع مليون مواطن الاستفتاء لعدم ثقتهم بالنظام، فيعتد بالاستفتاء رغم كونه لا يشكل في حقيقة الأمر إرادة الشعب. ولم يسجل التاريخ يوماً بأن هناك استفتاءً في الوطن العربي على الرئاسة أو على دستور أسفر عن نتيجة مغايرة لرغبة الحكام.
ونرى لكي يكون الاستفتاء على مشروع دستور مثمراً أن يبنى على عدة أسس: منها: أن يوضع مشروع الدستور ابتداءً من خلال مجلس تأسيسي أو جمعية تأسيسية منتخبة بانتخابات حرة ونزيهة ومحاطة بكافة ضمانات عدم تزييف إرادة الشعب. ومنها: أن يتاح للشعب معرفة ما يدار في اجتماعات الجمعية التأسيسية من مناقشات فتكون الجلسات علنية ويتاح للصحف والإعلام نشر ما يجرى بين الأعضاء بشأن مشروع الدستور. ثم بعد أن يتم إنجاز مشروع الدستور أن تتاح للمواطنين فرصة كافية لفهم محتواه قبل إجراء الاستفتاء عليه. ثم إن تُكفل الممارسة الفعلية لحرية التعبير وحرية الاجتماعات العامة وحرية الإعلام وحرية التنظيم في هذه الدولة، وهذه حريات اساسية لتناول مشروع الدستور بموضوعية فيكوّن المواطن رأيه ويبلور فكره بشأنه وهو ذاهب إلى مقر الاستفتاء. ثم إن يكون الإعلام الرسمي بعيداً عن الاستفتاء، فلا يوجه المواطنين إلى تأييد مشروع الدستور، أو إلى رفضه، وإن كانت هناك برامج بشأنه فيجب أن تكون موضوعية ومحايدة. وأخيراً: يجب ضمان استقلالية اللجنة المشرفة على الاستفتاء، وأن يتسم إشرافها وإدارتها للاستفتاء في جميع مراحله بالحياد والشفافية والمساواة.
ونرى أنه من دون هذه الأسس فإن الاستفتاء يكون مجرد وسيلة في أيدي الطغاة لإضفاء شرعية زائفة لطغيانهم واستبدادهم. والله من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

الثلاثاء، 21 فبراير 2012

سوريا: نظرات على مشروع دستور ساقط شعبياً!

سوريا: نظرات على مشروع دستور ساقط شعبياً!
2012-02-21


أصدر الرئيس السوري بشار الأسد يوم الأربعاء الماضي مرسوماً يدعو فيه المواطنين السوريين للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد يوم الأحد القادم 26 فبراير. وقد كان الأسد كلف في شهر أكتوبر من العام المنصرم لجنة معينة من قبله لوضع مشروع جديد للدستور كمحاولة منه لإعادة السيطرة على الأوضاع واحتواء ثورة الشعب الثائر في وجه طغيانه واستبداده هو ووالده من قبله وحزبه وتشبثهم بمقاليد الحكم لأكثر من أربعة عقود من الزمان، واعداً بالمزيد من الإصلاحات وأن الدستور الجديد سوف يلبي تطلعات الشعب نحو المزيد من الحريات.
وأخيراً كُشف عن مشروع الدستور الموعود، فقد نشرته وكالة الأنباء السورية (سانا). فهل حقاً جاء بالمزيد من الإصلاحات كما توحي بعض مواده؟ مثل المادة الثانية التي تؤكد على أن "السيادة للشعب، لا يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها"، وأنها "تقوم على مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب". والمادة (50) منه التي تذهب إلى أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، والمادة الثامنة التي تبين أن النظام السياسي في الدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة فيها ديمقراطياً عبر الاقتراع. بالطبع الإجابة تتمثل في النفي! فهذا الغلاف الوردي الناعم يبطن في حقيقة الأمر جحيم الطغيان والاستبداد. وقراءة واحدة لبقية مواد الدستور تكشف لنا مدى زيفها.
وفي حوار عميق مع المحامي السوري الأستاذ وليد الحسين تناولنا بعض جوانب هذا المشروع الزائف منها: ما حددتها المادة (84) من مشروع الدستور من شروط فيمن يرشح نفسه لمنصب الرئيس، ونقول لو طبقت هذه الشروط على بشار الأسد في تلك الأثناء عند وراثته الحكم عن أبيه لما توافرت فيه! (لاحظ أن النظام في سوريا جمهوري وليس ملكيا!)، فقد تم في وقتها "تضبيط" الدستور وتقصيره وتفصيله في "خياط" مجلس الشعب لينسجم شرط السن مع عمر الوريث الجديد! كما أن بشار لم يكن حينها مستوفياً شرط أن يكون مقيماً لمدة عشر سنوات إقامة دائمة متصلة في سوريا كما يشترطه المشروع اليوم فقد كان يتابع تخصصه في لندن حتى 1994، كما تدل سيرته الشخصية. علاوة على أن أسماء الأخرس زوجة بشار، وكما هو معروف، كانت تحمل الجنسية البريطانية ومازالت! مما قد يتعارض مع شرط أن يكون الرئيس متزوجاً من سورية!
أما النقطة الأخرى فتتعلق بتوقيت مدة الرئاسة، إذ إن تقرير مشروع الدستور السوري بصوت عال أنه "لا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية"، أمرٌ يجب ألا يخدعنا وهو كذلك لا يدعو للتفاؤل مطلقاً إذ إن الواقع كشف لنا مراراً أن الجمهوريات العربية سرعان ما تعدل دساتيرها قبل انقضاء مدة الرئاسة ليحكم الرئيس مدى الحياة. ورغم ذلك، فإن مشروع الدستور السوري جاء بعد تأكيده على توقيت مدة الرئاسة بنصٍ مضحك للغاية يتمثل في المادة (87) التي تذهب إلى أنه في حال انتهاء "ولاية رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد"! وفي نص آخر مضحك أيضاً يذهب المشروع إلى أنه "إذا حُلّ مجلس الشعب خلال الفترة المحددة لانتخاب رئيس جمهورية جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة مهامه..". وطبعاً من يختص بحل مجلس الشعب هو رئيس الجمهورية ذاته!
نقطة أخرى تثير العجب من مدى إمعان واضعي الدستور في الضحك على الذقون، تتعلق بسلطة التشريع، فالمادة (113) من مشروع الدستور تمنح رئيس الجمهورية هذه السلطة ليس خارج فترات انعقاد مجلس الشعب أو حله فحسب، بل أيضاً أثناء انعقاد مجلس الشعب إذا استدعت الضرورة القصوى ذلك!، وطبعاً الرئيس هو من يقدر الضرورة القصوى! وهذا أمرٌ في غاية الخطورة إذ إن رئيس الجمهورية يملك بذلك سلطة التشريع علاوة على امتلاكه لسلطة التنفيذ. بل إن مشروع الدستور لا يكتفي بمنح كلٍ من هاتين السلطتين للرئيس وتجميعهما في يده، بل يمعن في تكريس الاستبداد أكثر فأكثر فيجعل منه أيضاً رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء ويجعله كذلك من يعين قضاة المحكمة الدستورية العليا التي يقدم لها طلبات الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية فتتفحصها وتستبعد منها من ترى أنه لم يستوف الشروط. فهل يوجد بعد ذلك استبداد وطغيان!
نستطيع من الآن أن نتوقع نتيجة الاستفتاء الذي سيجري يوم الأحد القادم. فسوف ينقل لنا الإعلام الرسمي بعده بقليل أن الشعب السوري بأغلبية تكاد تصل إلى الإجماع صوت مؤيداً لمشروع الدستور! فهكذا هي الاستفتاءات في الأنظمة التي تغيب عن جوها الحرية لا تكون إلا غطاء لشرعية زائفة لم تقرر لها أصلاً. والثورات لم تأت في حقيقة الأمر لتسقط شرعيتها بل لتكشف أنها أنظمة غير شرعية منذ نشأتها.

halsayed@qu.edu.qa

الثلاثاء، 17 يناير 2012

نظرات على مشروع قانون تنظيم الأنشطة الإعلامية

نظرات على مشروع قانون تنظيم الأنشطة الإعلامية
2012-01-17


بعد عدة مشروعات قوانين سمعنا عنها في سنوات سابقة، أتيحت لي فرصة الاطلاع على المشروع الأخير لقانون بتنظيم الأنشطة الإعلامية والذي وصل بعد اقتراحه من وزير الثقافة والفنون والتراث، إلى مجلس الوزراء ومنه إلى مجلس الشورى لأخذ رأيه فيه. وفي بادرة جميلة من مجلس الشورى تمت مقابلة بعض المعنيين كرؤساء تحرير الصحف العربية ورئيس المجلس الأعلى للاتصالات ليبدوا ملاحظاتهم عليه، ويستفيدوا من خبرات هؤلاء، تجنباً لكل ما يعد انتهاكاً لحرية الإعلام أو تقييداً للحريات الأساسية المكفولة دستورياً كحرية الرأي أو الصحافة أو الطباعة أو النشر.
ولي بعد الاطلاع السريع على مشروع القانون الملاحظات التالية:
أولاً: بينت المادة (6) من المشروع والمتعلقة بإجراءات تقديم طلب الحصول على الترخيص لأي من الأنشطة الإعلامية أن "تتولى الإدارة المختصة البت في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه، وإخطار صاحب الشأن بذلك، بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول. وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر انقضاء هذه المدة دون رد رفضاً ضمنياً للطلب".
ولا شك بأن تسبب القرار الرافض لطلب الترخيص أمر في غاية الأهمية ويدل على أن الأصل في الأمر ممارسة الحق والتمكين منه، وأن دور الإدارة هو تنظيمي بحت، وإن عليها بيان مبرراتها في حال رفض طلب ممارسة مثل هذا الحق، وبذلك تظهر جدية موقفها من عدمه. ولكن، للأسف، جاءت الجزئية التي اختتمت بها الفقرة والمتمثلة في "اعتبار انقضاء الفترة دون رد رفضاً"، لتناقض ما قبلها ولتذهب بكل قيمة حقيقية أرادها المشرع من التسيب.
فهل يعقل أن يشترط المشرع على الإدارة بيان أسباب الرفض من جانب، ثم يقول لها إن لم ترغبي ببيان الأسباب ما عليك إلا الانتظار حتى تمضي الفترة المخصصة وهي شهر فلا تتحملي حينها عناء إيجاد مبررات أو أسباب لرفضك!!
هذا النص المعيب سبق زجه في شأن حق دستوري آخر هو تكوين الجمعيات، فقد ورد للأسف في قانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة في المادة (7) منه. وعليه يقترح عدم الأخذ بالجزء الأخير من الفقرة المشار إليها من مشروع القانون، واستبداله بما يأتي: "ويعتبر انقضاء هذه المدة دون رد موافقة ضمنية على الطلب".
ثانياً: جميلٌ ما ذهبت إليه الفقرة الأخيرة من المادة (6) من مشروع القانون والتي أتاحت لمن يُرفض طلبه الطعن أمام القضاء. ذلك أن المادة (3) من قانون الفصل في المنازعات الإدارية رقم (7) لسنة 2007 الساري حالياً للأسف الشديد أخرجت من اختصاص القضاء النظر في القرارات المتعلقة بقانون المطبوعات والنشر. ولا شك أن فيما ذهب إليه مشروع القانون تعزيز لحق التقاضي المكفول دستورياً. لذا نأمل على المشرع التمسك بهذه الفقرة بالنواجذ، ليس ذلك فحسب، بل أيضاً إعادة النظر في المادة (3) من قانون الفصل في المنازعات الإدارية وإلغاء الاستثناءات الواردة فيه حتى لا تحصن قرارات الإدارة وأعمالها دون رقابة القضاء، تكريساً لمبدأ المشروعية.
ثالثا: ورد في البند الرابع من المادة (5) من المشروع ذكر للتأمينات أو الضمانات المالية التي يشترط أن يقدمها طالب الترخيص، وتركت أمر تحديدها للائحة. كما ذكرت المادة (7) الرسوم الواجب أداؤها والتي تحددها اللائحة. هذه النصوص لا بأس بها، ولكن ما يخشى منه أن يُبالغ في قيمة التأمينات والضمانات المالية والرسوم بحيث تحول دون ممارسة هذا الحق. لذا يقترح إضافة أية عبارة تؤكد على مناسبة هذه التأمينات والرسوم وتمنع المبالغة فيها.
رابعاً: ورد في الفقرة الثانية من المادة (19) ما نصه "ولا يجوز أن يكون رأي الصحفي أو المعلومات الصحفية الصحيحة التي ينشرها سبباً للمساس به، كما لا يجوز إجباره على الإفصاح بمصادر معلوماته إلا بأمر من النيابة العامة أو المحكمة المختصة". هذا النص جميل ويكفل حق الصحفي في الاحتفاظ بمصادره وعدم الإفصاح عنها، ولكن الاستثناء الوارد عليه ينبغي إن يقتصر على "أمر المحكمة" دون النيابة العامة. فكل قاضي مستقل ولا سلطان عليه إلا القانون، أما أعضاء النيابة العامة فيخضعون في ممارسة اختصاصاتهم لإشراف رؤسائهم بحسب ترتيب وظائفهم" كما جاء في المادة (5) من قانون النيابة العامة، وصولاً إلى النائب العام، وفي ذلك ما يخشى منه، ومن أن تخرج هذا الضمانة من معناها، لذا نتمنى أن يرفع من الفقرة المذكورة الاستثناء الممنوح للنيابة العامة.
خامساً: وردت في المادة (53) من مشروع القانون جملة من محظورات النشر والبث، جاءت في سبع بنود، نرى إلغاء البنود الأربع الأولى منها والمتعلقة بشأن التحريض على قلب نظام الحكم وتعريض الأمن الداخلي والخارجي للخطر، وغيرها مما يمس الأديان أو الرؤساء، وذلك لسببين الأول: أن الكثير من الأحكام ذات الصلة وردت في قانون العقوبات أصلاً، والسبب الثاني أن السلوكيات المجرمة لم ترد في هذه المادة بشكل قطعي ودقيق، ففي بعضها من الفضفاضية ما يخشى أن يتوسع في استخدامه أو يساء استغلاله.
سادساً: أفرد مشروع القانون للعقوبات فصلاً كاملاً هو الفصل التاسع منه، ويلاحظ رغم عدم النص على عقوبة السجن وهو ما يحمد للمشروع الذهاب إليه، إلا أن العقوبات المالية أو (الغرامات) مبالغ فيها بشكل لا يصدق. فهي عوضاً عن أن تكون عقوبات رادعة عن الإتيان بالخطأ، تحولت إلى إرهاب يمنع الإنسان ممارسة الحق ذاته مخافة الوقوع دون قصد في المحظور، فيغرم بمثل تلك الغرامات الإرهابية. فعلى سبيل المثال تنص المادة (54) من مشروع القانون على العقوبة بالغرامة التي لا تزيد على (1.000.000) مليون ريال! ونقول على سبيل التهكم: إننا لو جمعنا الغرامات التي وردت في كل نصوص قانون العقوبات القطري والتي تتراوح في مجملها "بين خمسة عشر ألف وعشرة آلاف وخمسة آلاف" لما وصلت إلى ما قررته المادة (54) من مشروع القانون. لذا يقترح عدم الخروج عن الهدف الحقيقي من تقرير الغرامة. ولا شك بأن مثل هذه الغرامات تفتح باب السؤال عن مصير من لا يستطيع دفع مثل هذه المبالغ أن هو وقع في أحد المحظورات التي نص عليها القانون. هل سيسجن؟ فنعود بالتالي إلى ذات العقوبات التي عفا عليها الزمن وأدانتها الإنسانية جمعاء.
سابعاً: نصت المادة (64) من مشروع القانون على منح موظفي الإدارة صفة مأموري الضبط القضائي في ضبط وإثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون. ونحن من جانبنا نرى عدم ملائمة هذا النص لعدة أسباب: منها أنه يمكن تحقيق الهدف وضبط المخالفات دون منح موظفي الإدارة هذه الصفة، ومنها إن مجرد النص على هذا الأمر في قانون معني بالإعلام ويؤكد على كفالة حرية الصحافة والطباعة والنشر والبث ويقرر أن وسائل الإعلام لا تخضع للرقابة، يذهب من قيمة كل الضمانات المقررة ويظهر وجه قطر للعالم بصورة غير جميلة. ومنها أن هذا النص سوف يكون حافزاً لموظفي الإدارة في المبالغة في رصد كل ما يشك فيه شأنه بأنه محظور! وفي ذلك خطورة ما بعدها خطورة لاسيَّما إذا كانت المحظورات غير محددة على وجه الدقة.
هذه مجرد نظرات على مشروع القانون، نتمنى أن يخرج بأحسن حلة، ويعزز حرية الإعلام. وهو بلا شك يحتاج للمزيد من الدراسة والتدقيق.
والله من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

الاثنين، 9 يناير 2012

2011 عام الدساتير العربية

2011 عام الدساتير العربية
2012-01-10


 لم يكن عام 2011 مؤججاً للثورات العربية ضد الأنظمة المستبدة والحكام الطغاة فحسب، بل كان أيضاً عام الدساتير العربية. فقد شهدت أغلب الدول العربية من سلطنة عمان شرقاً إلى المملكة المغربية غرباً إما تغييراً لهذه الدساتير أو تعديلاً لها.
ففي اليمن قبل الثورة، رفض نواب المعارضة المشاركة في جلسة 1 يناير 2011، احتجاجاً على التعديلات الدستورية التي كانت تمهد لإعادة انتخاب الرئيس علي عبدالله صالح مدى الحياة، واعتصموا أمام البرلمان رافعين لافتات كتب عليها "لا لإعادة الانتخاب، لا لتوريث السلطة"، إلا أن البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم أقر هذه التعديلات. ولكن، ما إن أصاب اليمن نسمات الربيع العربي حتى قدم الرئيس صالح؛ بعد أقل من ثلاثة شهور على إقرار البرلمان للتعديلات السابقة؛ مُقترحاً لامتصاص الغضب الشعبي في البلاد، يتمثل في وضع دستور جديد يُستفتى عليه قبل نهاية السنة، ويؤسس لنظام برلماني.
وفي مصر، وبعد نجاح ثورة 25 يناير 2011، طرح المجلس الأعلى للقوات المسلحة على الاستفتاء في 19 مارس، تعديلات دستورية صاغتها لجنة مختصة برئاسة طارق البشري، وتمت الموافقة عليها بنسبة تزيد على 77% من عدد المصوتين. وهدفت التعديلات إلى فتح الطريق لانتخابات تشريعية تليها انتخابات رئاسية، وذلك بتعديل بعض المواد كتلك المتعلقة بشروط المرشح لمنصب الرئاسة، والإشراف على العملية الانتخابية. كما شهدت مصر في هذه الظروف وثيقة المبادئ الأساسية للدستور التي طرحها "علي السلمي"، وانتقدها شق واسع من الأحزاب والساسة المصريين. كما عرفت مصر في 30 مارس 2011 الإعلان الدستوري الذي تبناه المجلس الأعلى للقوات المسلحة لينظم شؤون البلاد حتى العمل بالدستور الجديد الذي سيوضع بعد الانتخابات البرلمانية.
وفي الأردن شكل الملك عبدالله الثاني بن الحسين في أواخر أبريل لجنة برئاسة رئيس الوزراء الأسبق أحمد اللوزي للنظر في أي تعديلات محتملة لمواد الدستور، وقد خلصت هذه اللجنة إلى عدة تعديلات نالت أكثر من 40 مادة، والتي رأت الحكومة بأنها تعزز مبدأ الفصل بين السلطات وإعادة التوازن بينها، بينما رأت المعارضة بأنها تعديلات شكلية ومفرغة من مضمونها.
وفي ليبيا، وقبل سقوط نظام القذافي، أشار سيف الإسلام القذافي في منتصف شهر أبريل إلى دستور جديد لليبيا يحد من صلاحيات والده. وبعد سقوط نظام القذافي، أعلن عبدالرحيم الكيب رئيس الحكومة للفترة الانتقالية عن وضع دستور جديد للبلاد يحدد شكل الدولة.
وفي الجزائر، شهد شهر مايو 2011 نقاشات لتعديل الدستور شملت المواد المتعلقة بمدد الرئاسة، وعلاقة الرئيس بالحكومة، ودعم صلاحيات البرلمان، ومدى إمكانية إلغاء الغرفة البرلمانية الثانية. كما نقل خبر طلب الرئيس بوتفليقة من المجلس الدستوري تحضير مسودة قانون الحريات السياسية.
وفي السودان احتل السؤال عن دستور جديد الأولوية في الشارع السياسي بعد أن رأى البعض انتهاء صلاحية بعض مواد الدستور الحالي بانفصال الجنوب. وقد أكد الرئيس البشير في هذا الجانب أن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيس للدستور القادم.
وفي المملكة المغربية تم الاستفتاء في يوليو 2011 على التعديلات التي نالت دستور 1996، حيث بادر الملك محمد الخامس على أعقاب تظاهرات حركة 20 فبراير إلى إنشاء لجنة لمراجعة الدستور لمنح المزيد من الصلاحيات لرئيس الحكومة والمزيد من الاختصاصات التشريعية للبرلمان وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وفي سوريا، وفي إطار جهوده المضنية لاحتواء ثورة الشعب، وإطلاع العالم الخارجي بأنه يسير في طريق الإصلاح، شكل الرئيس السوري بشار الأسد في منتصف أكتوبر لجنة كلفت بصياغة دستور جديد، بحيث تنتهي اللجنة من عملها في غضون أربعة أشهر.
وبعدها بأيام شهدت سلطنة عمان تعديلاً دستورياً نال العديد من مواد النظام الأساس للدولة لاسيَّما تلك المتعلقة بمجلس الشورى ومنحه حق إقرار مشاريع القوانين واستجواب وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بمهامهم ورفع نتيجة ذلك إلى السلطان.
أما تونس التي شهدت في أواخر أكتوبر انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، أقر هذا المجلس في 11 ديسمبر دستوراً مصغراً مؤقتاً للبلاد ينظم السلطات في البلاد مؤقتاً.
ومن موريتانيا، نقلت الصحف في أواخر العام الماضي خبر تعديلات دستورية مرتقبة تهدف إلى تقليص صلاحيات الرئيس وسيتم اعتمادها خلال اجتماع مشترك لغرفتي البرلمان.
وأخيراً، في البحرين وبعد أزمة شهدتها البلاد خلال عام 2011، أحالت الحكومة البحرينية مطلع هذا الأسبوع مشروع تعديل الدستور الذي يهدف إلى تعزيز دور السلطة التشريعية وإعطائها صلاحيات أوسع.
لا شك أن سقوط بعض هذه الدساتير، وتعديل نصوص البعض الآخر منها، مرتبط بشكل حتمي بغضب الشعوب العربية الذي شهده عام 2011. فهذه الثورات جاءت لتفك الشعوب المستعبدة من قيد الأنظمة الظالمة وتمنحها الحرية. فدستور العدالة لا يحيا إلا في بيئة الحرية. أما دساتير الأنظمة الفاسدة فهي إما نصوص نظرية لا تغادر مبادئها وحرياتها الورق الذي كتبت عليه، أو نصوص مستبدة ككاتبها، وضعت لتكرس الحكم المطلق وتكفل استمرار جوره وطغيانه. فبسقوط هذه الأنظمة سقطت دساتيرها الظالمة، وبسياط الرعب من السقوط خشيت أنظمة أخرى على أنفسها فأسقطت بعض المواد من دساتيرها واستبدلتها بمواد أخرى لعلها تتجنب ما حل بمثيلاتها.
والله من وراء القصد.
halsayed@qu.edu.qa

الاثنين، 2 يناير 2012

البرلمانات الطلابية

البرلمانات الطلابية
2012-01-03


في الأسبوع الماضي أتيحت لي فرصة رائعة للالتقاء بأعضاء البرلمانات الطلابية في قطر، وذلك أثناء محاضرة نظمتْها مدرسة عبدالرحمن بن جاسم الإعدادية المستقلة للبنين. كان عدد المدارس المشاركة سبع عشرة مدرسة وكان عدد الطلبة كبيراً، وهي المرة الأولى التي ألقي فيها محاضرة أمام طلبة لا تتجاوز أعمارهم سن الخامسة عشر. وخشيت من أسلوب المحاضرة والتي يكون المتحدث فيها شخص واحد هو المحاضر، يتحدث طوال الوقت والبقية منصتون وكأن على رؤوسهم الطير!، وهو ما يخالف جوهر مفهوم العمل البرلماني الذي يعتمد على الحوار والاستماع للطرف الآخر والمناقشة، لذا وحتى لا يغزو الملل نفوس الطلبة قبل أن يغزو الطير رؤوسهم، فضلت أن تعتمد محاضرتي على الحوار والاستماع للطرف الآخر مع تزويدهم ببعض المعلومات ذات العلاقة، وقد نجح الأسلوب واستطعت إشراك الطلبة معي في الحوار، كما تلهف للمشاركة المدرسون المرافقون وأعضاء مجلس أمناء المدرسة الذين شرفوني بحضورهم.
إن من الأهداف التي يطمح لها المجلس الأعلى للتعليم من وراء تفعيل البرلمان الطلابي: إشراك الطلبة في الممارسات الديمقراطية في المدرسة من خلال إتاحة الفرصة أمامهم لتبادل الآراء وعرض مشاكلهم المدرسية واقتراح الحلول المناسبة لها، وخلق قناة تواصل بين الطلبة والهيئة الإدارية والتدريسية، وتعزيز روح القيادة لدى أعضاء البرلمان الطلابي، وتعميق مبدأ الانتماء للمجتمع (أو المواطنة)، وخلق جيل قادر على تحمل المسؤولية، وتعويده على مهارات الإدارة والحوار والمناقشة واحترام الرأي الآخر.
وحتى لا تبقى هذه الأهداف في إطارها النظري ألزم المجلس الأعلى للتعليم مكتب المدارس المستقلة بمتابعة مدى تفعيل التوصيات من خلال المدرسة، وعقد اجتماعات مع رؤساء البرلمانات للتواصل معهم بصورة مباشرة، واستلام تقرير دوري من رئيس البرلمان بواقع مرة كل فصل دراسي عن سير العمل متضمناً التوصيات وما تم بشأنها.
من الأسئلة التي تم طرحها في هذا اللقاء: ما المقصود بالبرلمان، والبرلمان الطلابي على وجه الخصوص؟، وما هي اختصاصات وصلاحيات البرلمان عموماً؟ وهل هناك سقف للعمل البرلماني لا يتم تجاوزه؟ وإن كان يوجد فلماذا؟ ولماذا قاموا بترشيح أنفسهم للبرلمان الطلابي؟ وهل البرلمان الطلابي شكلي أم بالفعل حقق أهدافه؟ وكم توصية أو اقتراح تم تقديمه لإدارة المدرسة فقبلته واعتمدته؟ وهل استفادوا من تجربتهم؟ وهل سوف يرشحون أنفسهم في السنة القادمة؟ كما تم مناقشة الطلاب في برنامجهم الانتخابي والفعاليات التي قامت بها البرلمانات الطلابية في المدارس.
وقد قدم الطلبة لي بعض النماذج الإبداعية للأعمال التي قاموا بها، إذ كنت أخشى أن يقتصر دورهم فقط على المشاركة في تنظيم الاحتفالات والأنشطة غير الصفية! لكن ما عرضوه كان خارج هذا النطاق ويصب في تقديم حلول لبعض المشاكل المدرسية، أو الظواهر السلبية التي يتعرض لها من هم في أعمارهم، وتنظيم عملهم واستخدام وسائل لقياس نجاحهم في حل المشكلات.
انبهرت حقيقةً من جرأة شبابنا الصغار وثقتهم بأنفسهم وفصاحتهم ومبادرتهم في المشاركة والإجابة على الأسئلة ونقل تجاربهم، وعمق معلوماتهم بشأن العمل البرلماني.
خرجت من لقائنا هذا بإيمان عميق بأهمية هذه التجربة وأهمية دعمها وتعزيزها لخلق جيل رائع يؤمن بالمواطنة والحوار والمساواة والحرية، ويرفض الاستبداد والفساد ويؤمن بالمشاركة في اتخاذ القرار. فالمستقبل لهذا الجيل، وعندها "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
والله من وراء القصد