الثلاثاء، 21 يناير 2020

الأسس الدستورية لِسَنْ التشريعات العقابية


الأسس الدستورية لِسَنْ التشريعات العقابية



لا تخلو صياغة النصوص القانونية المتعلقة بالتجريم والعقاب من خطورة تقتضي الحذر الشديد ممن يتولى التشريع، كي يتجنب الإخلال بالتوازن الموضوعي بين حماية الحرية الشخصية وصونها من العدوان من جانب، وحماية مصلحة الجماعة والتحوط لنظامها العام من جانب آخر. ولتحقيق هذا التوازن تضم الدساتير مجموعة من الأسس ينبغي أن يتقيد بها المشرع العادي عند سنه للنصوص العقابية. في هذه المقالة سوف نأتي عليها.

                ولعل أول أساس يحكم القواعد التي تنظم التجريم والعقاب هو ما يتعلق بمبدأ الشرعية الجنائية، أي أن تأتي هذه القواعد في تشريعٍ ولا تترك للعرف، بل نرى وجوب أن تصدر بالأداة التشريعية (قانون) وليست بأداة تشريعية أدنى كاللوائح أو القرارات الوزارية. فالمادة (34) من الدستور الفرنسي حددت الموضوعات التي تصدر بقانون وأكدت بأن منها (تحديد الجنايات والجنح والعقوبات المقررة لها)، وإلى ذات المسار ذهبت المادة (40) من الدستور القطري لتؤكد على أن (لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون). وإصدار هذه القواعد بقانون يشكل ضمانة لسببين، أولهما: أن القانون يُفترض أن يُوضع من قبل مجلسٍ منتخبٍ من الشعب، يمثله، فيكون القانون الصادر منه هو ضمير الشعب. والسبب الثاني هو أن مناقشة مشروعات القوانين تتم في جلسات علنية تكشف دقائقها وتفصيلاتها وآراء الأعضاء بشأنها، وبالتالي تتاح نافذة للشعب ومنظمات المجتمع المدني ليطلوا من خلالها على إعداد القانون في مراحله الأولى فيثيروا ما يشوبه من انتهاك للدستور أو تقييد للحريات قبل التصديق عليه واصداره. وفي المقابل، لا شك بأن صدور القانون من مجلسٍ معينٍ ومغلق يخل بهذه الضمانة.

وامتدادًا للأساس الأول يأتي الأساس الثاني والذي نراه بأن الأصل فيه ألا تصدر النصوص العقابية في مدة غيبة المجلس التشريعي أو عدم انعقاده، فلا يصدر نص عقابي بمرسوم بقانون. فالنصوص العقابية لا تدخل في نطاق الأحوال الاستثنائية التي لا تحتمل التأخير لحين عودة المجلس للانعقاد، كما إن إصدار النصوص العقابية بمرسوم بقانون يجعل رفض المجلس له عند عودته في غاية الصعوبة بسبب ما يشترطه الدستور من أغلبية خاصة لرفضه يصعب تحقيقها في الواقع العملي، وبالتالي يكون من سن التشريع العقابي فعليًا هو السلطة التنفيذية.

والأساس الدستوري الثالث هو ألا تخالف مواد قانون العقوبات الدستور، وهو ما يجب أن تخضع له كل التشريعات عمومًا، لكنه في شأن التشريع العقابي أكثر وجوبًا، إذ يجب أن يسير في ظله ويدور في فلكه، فلا يكون سِفرًا لتجريم حق أو حرية أو لإيقاع من يمارسها في حباله وشِراكه.

أما الأساس الرابع والذي ينبثق من مبدأ الشرعية الجنائية أيضًا فيتمثل في أن تصاغ عبارات التجريم بصياغة واضحة ودقيقة. فتكون الأفعال التي يجرمها القانون محددة بصورة قاطعة تحول دون التباسها بغيرها. فلا تكون قابلة لتفسيرات متعددة أو للتوسع فيها بإدخال أفعال أو سلوكيات لم يُنص عليها صراحة. فالهدف من مبدأ الشرعية هو ضمان اخطار الناس بما يعتبر جريمة وبالعقاب المترتب عليها وهو ما يستلزم بالضرورة وضوح قصد المشرع.

أما الأساس الدستوري الخامس، فيتمثل في التأكيد على أن العقاب لا يكون إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون، فلا يحاسب الشخص على فعل قام به قبل صدوره، أو على وقائع سابقة على نصوص التجريم، كما لا يجوز أن ينص القانون على سريان أحكامه بأثر رجعي إلا إذا كانت أصلح للمتهم.

                أما الأساس الدستوري السادس فإن العقوبة شخصية فلا يأتي القانون لينص على مآخذة انسان بجريرة غيره أو معاقبته على جريمة لم يرتكبها، فالعقوبة جزاء ينزل على من يعتبر مسؤولًا عن ارتكاب الجريمة.

أما السابع فيتعلق بمبدأ التناسب فتكون العقوبة المقررة في القانون متناسبة مع جسامة الجريمة أو خطورتها، فلا يقرر القانون عقوبة قاسية غير متناسبة مع الجرم الذي ارتكبه الشخص، وإلا أخل بالتوازن المطلوب بين حماية الحرية الشخصية وحماية المجتمع.

أما الأساس الثامن فهو إلا يقرر المشرع ضمن العقوبات الواردة في القانون عقوبة النفي أو الإبعاد عن الدولة للمواطن، إذ لا يجوز دستوريًا ابعاد أي مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها.

أما التاسع فيتعلق بمبدأ تفريد العقوبة، ويقتضي أن توضع النصوص بشكل يسمح للقاضي اختيار العقوبة المناسبة في نوعها ومقدارها للحالة التي أمامه. فلا يُنص على جزاءٍ وحيد يطبق على جميع الحالات، فالمذنبون جميعًا لا تتوافق ظروفهم، والقاضي في ممارسته لسلطته يأخذ بالاعتبار شخصية الجاني وجسامة الجريمة ووزنها وملابساتها وآثارها، وعليه وتحقيقًا للعدالة يجب ألا يأتي القانون ليسلب القاضي هذه السلطة فهي إحدى خصائص الوظيفة القضائية.

وأخيرًا نرى بأن لا قيمة لهذه الأسس دون وجود محكمة دستورية يُلجأ لها عند إخلال النص العقابي بأحكام الدستور أو بضمانات الحرية.

هذا والله من وراء القصد.



halsayed@qu.edu.qa

الثلاثاء 21 يناير 2020


الخميس، 16 يناير 2020

عمان، والأسس الدستورية لوراثة العرش




عمان، والأسس الدستورية لوراثة العرش



رحل السلطان قابوس رحمه الله في العاشر من يناير 2020 وسط تأكيد الكثيرين من أبناء الخليج وساستها بأنه تمكن بحكمته وحنكته السياسية خلال نصف قرن من الزمان أن يوحد الصف الداخلي ويضفي على عمان بفضل الله الأمن والاستقرار وينقلها إلى دولةٍ عصرية، وأن يرسم للسلطنة خطًا متزنًا للسياسة الخارجية، معززًا من خلاله السلام الذي يؤمن به، ومبعدًا السلطنة عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

عمان عرفت أول دستور مقنن لها المسمى (النظام الأساسي للدولة في السلطنة) في عام 1996، والذي بين بكل وضوح طريقة توارث الحكم، والتي تنفرد بها عن بقية دول الخليج بعدم وجود نظام ولاية العهد. فاختيار السلطان الجديد يتم بعد إعلان شغور منصب السلطان. وتبدأ إجراءات الاختيار وفقًا للمادة (6) من النظام بقيام مجلس العائلة المالكة خلال ثلاثة أيام من خلو المنصب بتحديد من ينتقل إليه الحكم. ووراثة الحكم مقصورة في كل ذكر من ذرية السيد تركي بن سعيد بن سلطان ممن تتوافر فيه شروط تقلد الحكم المنصوص عليها في النظام الأساسي. فإذا لم يتفق مجلس العائلة المالكة على اختيار سلطان البلاد في المدة المقررة يقوم مجلس الدفاع بالاشتراك مع رئيسي مجلس الدولة ومجلس الشورى ورئيس المحكمة العليا وأقدم اثنين من نوابه بتثبيت من أشار به السلطان في رسالته إلى مجلس العائلة.  وبذلك يتضح بأن تسمية السلطان السابق لمن يتولى الحكم بعده يأتي تحوطًا، إذ يرجع الأمر أولاً لمجلس العائلة المالكة والذي حدد له الدستور ثلاثة أيام بحدٍ أقصى لاختيار من يلي الحكم، لكن إذا مضت هذه المدة دون تحديد فإن الأمر يجب أن يُحسم، وهنا تكون وصية السلطان ملزمة فيثبت من قام بتسميته.

إن عدم وجود منصب ولي العهد في سلطنة عمان والذي يُرجعه البعض لأسباب تاريخية ومذهبية جعل بعض الباحثين يبدي حوله المخاوف والتي من أبرزها الخشية من عدم الاستقرار الذي قد يعقب وفاة السلطان مباشرة، بل إن الأمر قد يزداد سوءًا بإتاحة فرصة المنافسة لجميع أعضاء مجلس العائلة المالكة مما قد يؤدي إلى الانقسام داخل العائلة أو عدم الانتقال السلمي للحكم.  كما أن هذا الأسلوب، من جانبٍ آخر، لا يخلو من الخطورة بسبب الدور الجوهري الذي يتولاه مجلس الدفاع والذي قد ترتفع معه احتمالية حدوث تلاعب أو تأييد عسكري لأحد المرشحين دون الوقوف على جانب الحياد.

            هذه المخاوف التي أبديت من قبل بعض الباحثين من الناحية النظرية اثبت التطبيق العملي للنصوص خلافها. إذ ابهرت التجربة العمانية الكثيرين لما أظهرته من سلاسة في انتقال الحكم ومن توافق للأسرة الحاكمة ووحدة صفهم وتغليبهم للمصلحة العامة. ومما يزيد الأمر اعجابًا احترامهم للأسس الدستورية التي نص عليها النظام الأساسي فتم النقل الإعلامي المصور لدقائق الأمور ومجريات الحدث.

            إن التطبيق العملي - لنص المادة (6) من النظام الأساسي التي تركت لمجلس العائلة تحديد من يلي الحكم خلال المدة المقررة - أضاف تطبيقات أخرى لمفهوم (التحديد) الوارد في المادة، فهو لا يقتصر فقط على انتخاب شخص أو آخر من بينهم أو تزكية أحدهم، بل إن المفهوم يتسع أيضًا ليشمل توافق أعضاء مجلس العائلة على التنازل عن المنافسة أو التزكية والجنوح نحو الرضا بمن أشار إليه السلطان السابق في وصيته.

            نظام توارث الحكم في سلطنة عمان لا ينفرد عن باقي أنظمة توارث الحكم الخليجية في عدم وجود منصب ولي العهد فقط، بل إن مما ينفرد به النظام العماني أيضًا هو ترك قرار اختيار وتحديد من يلي الحكم بأكمله إلى أعضاء مجلس العائلة على أن يبتون فيه خلال المدة المقررة دستوريًا. في هذا الأمر تختلف عمان عن باقي الدول الخليجية. ففي هذه الأخيرة يلعب الملك أو الأمير دورًا جوهريًا في اختيار من يلي الحكم بعده. ففي قطر يتم تسمية ولي العهد من قبل الأمير، وفي الكويت يقوم الأمير بتزكية المرشح لمنصب ولي العهد ويعرضه على مجلس الأمة.

في المملكة العربية السعودية من جانب آخر، ينظم إجراءات توارث الحكم (النظام الأساسي) و(نظام هيئة البيعة). وتتشكل هيئة البيعة من الأحياء من أبناء الملك عبدالعزيز المؤسس، وأحد أبناء كل متوفي أو عاجز أو متعذر منهم يعينه الملك. وتسير إجراءات الاختيار بأن يرسل الملك خلال العشرة أيام التالية لمبايعته كتابًا إلى رئيس الهيئة يحدد فيه من اختاره لولاية العهد. ويجوز للهيئة أن ترفض مرشح الملك وهنا يمكنها أن ترشح من تراه مناسبًا ولكن هذا الترشيح يجب أن يقترن بموافقة الملك. وذهب نظام هيئة البيعة السعودي إلى احتمالية عدم التوافق بين الهيئة والملك وعالج ذلك بأن قرر في هذه الحالة التصويت على مرشح كل منهما، ومن ينال أغلب أصوات أعضاء هيئة البيعة الحاضرين سوف يصدر أمرًا ملكيًا بتعينه.

ويلاحظ عند المقارنة بين نظامي توارث الحكم السعودي والعماني أن احتمالية تأثير الملك على هيئة البيعة وارد جدًا في الحالة السعودية، بينما هذه الاحتمالية لا يمكن أن ترد في الحالة العمانية إذ يتم اختيار من يلي الحكم بعد وفاة السلطان.

 أن الأحكام الإجرائية التي نص على تفاصيلها نظام هيئة البيعة السعودي اتحيت فرصة تجربتها عدة مرات وذلك بعد وفاة الأمير سلطان واختيار الأمير نايف وليًا للعهد، ثم وفاة الأمير نايف واختيار الأمير سلمان وليًا للعهد ثم مبايعته ملكًا، ثم اعفاء الأمير مقرن من ولاية العهد، ثم تعيين الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد، وأخيرًا اختيار الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد بعد اعفاء الأمير محمد بن نايف من منصبه.

ولكن يبدو في الأغلب أن الأحكام المنصوص عليها في نظام هيئة البيعة لم تطبق في الواقع العملي ويفهم ذلك من احتجاجات الأمير طلال بن عبدالعزيز المتكررة ومطالبته بالالتزام بنظام هيئة البيعة (انظر جريدة القبس الكويتية بتاريخ 29 مارس 2009)، (وجريدة القدس العربي بتاريخ 3 فبراير 2013).

وبغض النظر عن مدى حقيقة الوقائع التي بنى عليها الأمير طلال احتجاجاته فإنه بلا شك ما كان لها أن تثار لو روعيت الشفافية وكان هناك نقلا اعلاميًا يبرهن اتباع اجراءات توارث الحكم المنصوص عليها في النظام، كالذي حصل مؤخرًا في سلطنة عمان.

            وفي الختام أسأل الله تعالى أن يوفق جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يديم على عمان ودول مجلس التعاون الخليجي وسائر بلاد المسلمين الأمن والأمان.



halsayed@qu.edu.qa

الثلاثاء 16 يناير 2020

الثلاثاء، 7 يناير 2020

قانون الجنسية وتجانس المجتمع




قانون الجنسية وتجانس المجتمع



كأستاذ للقانون العام تردني من حين لآخر بعض الأسئلة التي تتعلق بقانون الجنسية القطرية، وبناء عليه جاءتني فكرة كتابة سلسلة من المقالات تتعلق بهذا القانون، سهلة الفهم ومناسبة لنشر الثقافة القانونية. ولعل من المفيد عند تناول أي موضوع البدء في التعريفات والمفاهيم المتعلقة به، ومن هنا نبدأ سلسلة هذه المقالات فنقول:

أن من المعروف عند أساتذة القانون بأن للدولة ثلاثة أركان هي: الإقليم والشعب والسلطة السياسية، ومنذ نشأة الدول بمفهومها الحديث أصبح من الأهمية دوليًا وداخليًا تحديد الأفراد الذين ينتسبون لها ويكوّنون ركن الشعب فيها، وهو أمرٌ يترك لكل دولة، تُنظمه بقانون، يطلق عليه قانون الجنسية. فالجنسية هي أداة الدولة لتحديد عنصر الشعب فيها.

والجنسية من ناحية اللغوية مأخوذة من كلمة جنس بكسر الجيم، وهي كلمة معربة دخلت إلى اللغة العربية قديمًا جدًا، وتعني الضرب من الشيء، ويراد بها طبيعةٌ يشترك فيها أفراد يمتازون بها عن غيرهم. ولعل اختيار مفردة جنس وأخذ كلمة الجنسية منها ابتداءً وانتشارها في الدول العربية للدلالة على المعنى الاصطلاحي لها جاء لما توحيه مفردة جنس من معنى التحديد لطبيعة معينة وتميّزها عن غيرها والتجانس بين عناصرها. فبالتالي تكون الكلمة مناسبة لحالة انتماء الانسان لشعب دولة ما وتميزه عن غيره من شعوب الدول الأخرى والذين يعتبرون أجانب بالنسبة لتلك الدولة. وبطبيعة الحال لا يقصد بالجنس هنا: الأصل أو العرق، إذ أن من المستحيل أن يتكون شعب أي دولة من عرق واحد أو أصل واحد، ومن جانب آخر، لا يقبل أيضًا من الناحية الحقوقية أن تقوم الدولة بالتمييز بين مكونات شعبها على أساس الأصل أو العرق.

             أما تعريف الجنسية من الناحية الاصطلاحية فكثير من أساتذة القانون يرون بأنها رابطة سياسية وقانونية بين الدولة والفرد. فالجنسية رابطة سياسية لكونها تُدخل هذا الشخص في ركن الشعب للدولة وما يستتبعه من الولاء لها. كما أن الجنسية رابطة قانونية بين الفرد والدولة لكون القانون هو الذي يحدد كيفية نشأتها والآثار المترتبة عليها وما للطرفين (الدولة والفرد) من حقوق وما عليهم من التزامات على المستويين الداخلي والدولي.

            وبالإضافة إلى الرابطة السياسية والرابطة القانونية، تبرز أهمية الرابطة الاجتماعية بين الفرد والدولة، وهي تفيد انتماء الفرد للنسيج الاجتماعي في الدولة. وهذا النسيج لا يتكون في حقيقة الأمر إلا نتيجة استقرار الأفراد فعليًا على أرض الدولة وتقاربهم من بعض واختلاطهم ببعض والتكامل بينهم ومعايشة الاحداث التي تمر بهم، وتكوين الذاكرة الثقافية والشعور بوحدة المصير.

            فأهمية الرابطة الاجتماعية هي التي تحتم على المشرعين عند وضعهم لقوانين الجنسية اشتراط مدة زمنية معينة يقيم فيها طالب الجنسية بشكل مستمر ومنتظم في الدولة كشرط لاكتساب الجنسية، علاوة على شرط اجادة اللغة الرسمية للدولة. إن اجادة اللغة التي يتحدث بها أفراد المجتمع والمدة الزمنية التي يقيم فيها في وسط هذا المجتمع كفيلة بخلق هذه الرابطة الاجتماعية.

            وإدراكًا لهذا الأمر نجد بعض قوانين الجنسية تميز بين المتقدمين للحصول على جنسيتها وفقًا لمدى قدرتهم على سرعة خلق هذه الرابطة الاجتماعية والاندماج في المجتمع، فتشترط لمن يمتلك هذه القدرة مدة زمنية أقصر للإقامة في الدولة ممن لا يمتلكها. فقانون الجنسية القطرية السابق على سبيل المثال اشترط عند صدوره في عام 1961 في العربي المتقدم للحصول على جنسية الدولة: الإقامة فيها مدة عشر سنوات، بينما كانت هذه المدة لغير العربي 15 سنة.

            ولا شك أخيرًا صعوبة تحقق هذه الرابطة الاجتماعية في الدول التي تعاني من الخلل السكاني، أو التي تتيح تشريعاتها منح الجنسية للأجنبي دون تحقق شروط اكتسابها... هذا والله من وراء القصد.



halsayed@qu.edu.qa

الثلاثاء 7 يناير 2020