الثلاثاء، 14 مايو 2013

انتخابات مجلس الشورى 2013

الشرق القطرية

14 مايو 2013


أسابيع قليلة تفصلنا عن 30 يونيو 2013 الموعد الذي حدده القرار الأميري رقم (18) لسنة 2010 لتنتهي معه مدة مجلس الشورى المعين، فهل سيجدد له؟ أم سنشهد انتخابات مجلس الشورى بعد كل هذه السنوات من النص عليها! المادة (46) من النظام الأساس المؤقت المعدل (1972) أكدت قبل أربعين عاماً على أن ينشأ مجلس يتم تشكيله بالانتخاب العام السري المباشر بعد انتهاء مدة المجلس الأول والذي قدر ابتداءً أن يبقى معيناً لمدة سنة واحدة وفقاً للمادة (45) من النظام الأساس المؤقت، لكن ما إن اقتربت هذه السنة على الانتهاء عام 1973 حتى أُجري تعديل على هذه المادة مُد به عمر المجلس ليصبح 3 سنوات، وتكرر هذا الأمر ثانيةً فما أن اقتربت هذه السنوات الثلاث على الانتهاء عام 1975 إلا والمشرع يعاجل المواطنين بمد مدة المجلس المعين ويجعل عمره ست سنوات. أعقب هذين التعديلين قرارات أميرية متتابعة تطيل مدة المجلس دون إجراء تعديل على المادة (45) من النظام الأساس المؤقت المعدل، مستفيدةً في ذلك مما قررته هذه المادة بأنه "يجوز مد هذه المدة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك". فصدرت قرارات المد في عام 1982 وعام 1986 وعام 1990 وعام 1995 وعام 1998 وعام 2004 وعام 2005 وعام 2007 وعام 2008، وأخيراً عام 2010 بمد مدة مجلس الشورى كذلك لغاية 30 يونيو 2013. ورغم كثرة هذه القرارات وتتابعها إلا أن أيٍ منها لم يوضح ما هي المصلحة العامة التي اقتضت التمديد.
       في يوم 16 نوفمبر عام 1998 ألقى سمو الأمير خطاباً في افتتاح الدور العادي السابع والعشرين لمجلس الشورى جاء فيه "أنه آن الأوان لتطوير نظامنا الدستوري" وأن هذا الهدف "لا بد أن يساهم في تعزيز قدرة سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية على أداء مهماتها بكفاءة وفاعلية، ومن شأنه أن يرفع مستوى الأداء الحكومي ويزيد من قدرته على القيام بما هو مطلوب ومنشود في تقديم الخدمات العامة، ودفع عملية التنمية وخدمة الوطن والمواطن، إضافة إلى تعميق تجربتنا في تعزيز المشاركة الشعبية وتنشيط دورها في رسم سياسات الدولة وحسن تنفيذها"، و "من أجل تحقيق هذا قررنا بعون الله تشكيل لجنة من أهل الكفاءة والاختصاص لوضع دستور دائم للبلاد، يكون بنوده الأساسية تشكيل برلمان منتخب عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر، لنتوج به سعينا نحو تكريس المشاركة الشعبية كأساس للحكم.."..
وفي 18 نوفمبر 2003 وعند افتتاح دور الانعقاد العادي 32 لمجلس الشورى ألقى سمو الأمير خطاباً جاء فيه: "إن الحدث الأهم على الساحة الداخلية، منذ أن التقينا في العام الماضي، هو الاستفتاء على مشروع الدستور الدائم الذي نال موافقة شعبية واسعة، تؤكد أن أحكامه جاءت ملبية لرغبات وتطلعات شعبنا في إقامة دولة المؤسسات المبنية على مبدأ الفصل بين السلطات، والتي تعتبر المشاركة الشعبية، ممثلة في مجلس الشورى المنتخب ركناً ركيناً فيها، كما تؤكد قناعة شعبنا بالمبادئ والأسس التي تضمنها ذلك الدستور".
وفي 5 أبريل 2004 وعند افتتاح منتدى الدوحة الرابع للديمقراطية والتجارة الحرة بين سمو الأمير في خطابه: "إن قطر قطعت خلال السنوات الماضية شوطاً على الطريق نحو تعزيز المشاركة الشعبية، وهو ما تجسد في أبريل المنصرم من خلال الاستفتاء على مقترح الدستور الدائم، الذي جاءت مواده لتكفل الحقوق، وتصون الحريات، وتبنى دولة المؤسسات وحكم القانون، وتمهد عن قريب لإجراء انتخابات برلمانية يشارك من خلالها المواطنون في تشكيل مجلس للشورى، يساعد على الارتقاء بمجمل العمل العام".
من خلال سلسلة الخطابات الأميرية أعلاه يظهر بكل وضوح بأنه آن الأوان في عام 1998 (تاريخ الخطاب الأميري الأول) لوضع دستور "يكون بنوده الأساسية تشكيل مجلس منتخب عن طريق الاقتراع الشعبي"، وأن سمو الأمير يرى بأن المشاركة الشعبية وإقامة دولة المؤسسات المبنية على مبدأ الفصل بين السلطات لا يمثل رغبات وتطلعات سمو الأمير فحسب بل رغبات وتطلعات الشعب القطري أيضا، وأنه يرى بأن المشاركة الشعبية متمثلة في مجلس الشورى المنتخب يعد الركن الركين للدستور الجديد، وأنه قريباً (وقد ألقي هذا الخطاب في 2004) سوف تجرى انتخابات برلمانية يشارك خلالها المواطنون في تشكيل مجلس الشورى المنتخب.
إن قناعة سمو الأمير بالديمقراطية والمجلس المنتخب والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي لم يفصح عنها داخلياً فحسب، بل نقلها سموه إلى المناقشة العامة لدورة 59 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 سبتمبر 2004 إذ بين في خطابه أمامها أن "الإصلاح السياسي ومشاركة المواطن في صنع القرار لم تعد قضية اختيارية نأخذ أو لا نأخذ بها، وإنما باتت ضرورة، ولا أبالغ إذا ما قلت أنها تصل حتى إلى درجة الحتمية، بعد ما أظهرته المسيرة الطويلة للعلاقات الدولية من أن الدول التي أنجزت اقتصادياً كانت هي الأكثر حرصاً على تطبيق الديمقراطية، سواءً كانت من بلدان الشمال أو الجنوب".
فالإصلاح السياسي ومشاركة المواطنين في صنع القرار كما يرى سمو الأمير لم تعد قضية للنقاش، ولم تعد مسألة اختيارية للأخذ بها أو عدم الأخذ بها، بل هي مسألة إلزامية وحتمية وإن غيابها هو سبب المعاناة الاقتصادية والاجتماعية القاسية التي تتكابدها الدول التي تفتقر إلى ذلك.
الدستور الذي آن أوان وضعه في 1998 شكلت لجنة لإعداد مشروعه في عام 1999، وأخذت هذه اللجنة ثلاث سنوات لإنجاز عملها وتسليمه عام 2002، ليبقى حبيس الأدراج لمدة تقترب على السنة حتى يدعى المواطنين للاستفتاء عليه في 2003، ثم يبقى حبيس الأدراج ثانيةً ولمدة تتجاوز السنة لكي يصدر عام 2004، ثم يبقى حبيس الأدراج ثالثةً ولمدة سنة لكي يُنشر في عام 2005، وليخرج أخيراً إلى النور بعد سبع سنوات من تاريخ البشارة به عام 1998. ورغم هذا السنوات السبع العجاف فإن هذا المخلوق لم يخرج إلى النور بكامل جسده بل بقى ثلث مواده المتعلق بالمجلس المنتخب داخل الرحم المظلم وفقاً للمادة (150) من هذا الدستور. وقد مضت سبع سنوات أخرى على تاريخ بدء العمل بالدستور. هذا الثلث من الدستور ما زال مُغيباً! هذا الثلث هو الجزء الأهم الذي يميز هذا الدستور عن النظام الأساس المؤقت المعدل، والذي وصفه سمو الأمير في خطاباته أعلاه بأنه "الركن الركين" لهذا الدستور "وبنوده الأساسية".
       وأخيراً في مطلع شهر نوفمبر من عام 2011 أعلن سمو الأمير في خطاب افتتاح دور الانعقاد الأربعين لمجلس الشورى القطري من على منصة هذا المجلس بأنه قرر أن تجرى انتخابات مجلس الشورى في النصف الثاني من عام 2013. وها نحن قد أوشكنا على الانتهاء من النصف الأول من عام 2013! فهل سيشهد النصف المتبقي من هذا العام انتخابات مجلس الشورى؟ إلى الآن لم يصدر قانون نظام انتخاب مجلس الشورى! ولم تُعد جداول الناخبين! ولم يصدر مرسوم الدوائر الانتخابية! وقد أوشك الصيف على الاقتراب. نتمنى أن يشهد النصف المقبل من هذا العام انتخابات المجلس، وإن لم يتحقق ذلك، فإنه يحق لنا أن نسأل عن المسؤول عن تأجيل تطلعات سمو الأمير وما يؤمن به وما يسعى إليه والذي صرح عنه في خطاباته سابقة الذكر، وأن نسأل عن المسؤول عن تأجيل تطلعات ورغبات الشعب القطري التي نقلها سموه إلى العلن؟
هذا والله من وراء القصد.

هناك تعليق واحد:

  1. تم قبول تغيير عنوان المقال والذي كان: مجلس الشورى والموت الإكلينيكي، وقبول تغيير بعض العبارات البسيطة في المقالايضاً.

    ردحذف