الثلاثاء، 16 ديسمبر 2014

قانون أسرار الدولة، وحق الحصول على المعلومات


قانون أسرار الدولة، وحق الحصول على المعلومات
الشرق القطرية، الثلاثاء 16 ديسمبر 2014




في الأسبوع الماضي تناقل الإعلام خبر الوقفات الاحتجاجية التي شهدتها اليابان قبيل سويعات فقط من موعد دخول قانون أسرار الدولة حيز النفاذ،هذا القانون يسمح- كما يرى واضعوه- بالتعاون وتبادل المعلومات الحساسة مع الدول الأخرى لاسيَّما أمريكا وإقامة علاقات أكثر صلابة في المجال الأمني.
بينما يرى المحتجون في هذا القانون ضربة قاسية للديمقراطية، يحول الدستور الياباني إلى مجرد أوراق عديمة الفائدة،فمن خلال هذا القانون ستنكمش حرية الإعلام والرأي والبحث العلمي، وسينتهك حق الشعب في المعرفة وفي الحصول على المعلومات، وسوف تحرم الصحافة من التحقيق في الأخطاء التي ترتكب من قبل الجهات الرسمية.فهذا القانون علاوة على ما يقرره من عقوبات قاسية بشأن من يسرب هذه المعلومات أو في شأن من ينشرها، يمنح مسؤولي الوزارات والهيئات أمر تصنيف ما يدخل تحت مفهوم أسرار الدولة من معلومات في مجالات الدفاع ومكافحة الإرهاب والتجسس والدبلوماسية، وهنا تكمن الخطورة إذ يؤدي ذلك إلى التوسع في مفهوم أسرار الدولة مما يؤدي إلى توسيع دائرة التجريم.
وبعيدًا عن اليابان واحتجاجات شعبها ضد قانون أسرار الدولة، ومع غيبة النص على الحق في الحصول على المعلومات في أغلب الدساتير العربية، نجد أحدث دستورين صدرا في عام 2014 في الوطن العربي وهما الدستور التونسي والدستور المصري ينصان على هذا الحق صراحة، فالفقرة الأولى من المادة (23) من دستور تونس تنص على أن "تضمن الدولة الحق في الإعلام والحق في النفاذ إلى المعلومة"، والفقرة الأولى من المادة (68) من الدستور المصري تنص على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها وقواعد إيداعها وحفظها والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا".
ولا شك في أن من حق الدولة أن تحجب بعض المعلومات والأسرار الأمنية محافظة على سلامة المجتمع، وأن تنص قوانين العقوبات فيها على عقوبات مغلظة في حق من يفشي أسرار الدفاع عن الدولة، لكن في الوقت ذاته لا يكون ذلك غطاءً تشريعيًا للتستر على عمليات الفساد الإداري والمالي للمسؤولين وإساءة استغلال السلطة التي لا محالة تعرض أمن الدولة الاقتصادي لكارثة أكبر.
ومن جانب آخر فإن أي قانون يصبح أكثر خطورة على الحريات عندما تكون مواده غير محكمة، أو أحكامه غير واضحة، مما يتيح التوسع في تطبيقه وفي تفسيره بشكل قد لا يخلو من العشوائية، ناهيك عما تسببه العقوبات الواردة فيه إلى خوف أي موظف أو مسؤول حتى من الحديث عن موضوعات بعيدة عن الحظر وذلك لتجنب الوقوع في دائرة المحظور، مما ينعكس سلبًا على تفعيل الرقابة على أعمال السلطة لاسيَّما من منظمات المجتمع المدني.
وفي الختام أتمنى ألا نستورد قانون أسرار الدولة من اليابان، رغم أن الكثير من مسؤولينا وموظفينا ليس بحاجة لمثل هذا القانون لمنع أية معلومة مهما كانت بعيدًا عن السرية. والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق