الاثنين، 2 يناير 2012

البرلمانات الطلابية

البرلمانات الطلابية
2012-01-03


في الأسبوع الماضي أتيحت لي فرصة رائعة للالتقاء بأعضاء البرلمانات الطلابية في قطر، وذلك أثناء محاضرة نظمتْها مدرسة عبدالرحمن بن جاسم الإعدادية المستقلة للبنين. كان عدد المدارس المشاركة سبع عشرة مدرسة وكان عدد الطلبة كبيراً، وهي المرة الأولى التي ألقي فيها محاضرة أمام طلبة لا تتجاوز أعمارهم سن الخامسة عشر. وخشيت من أسلوب المحاضرة والتي يكون المتحدث فيها شخص واحد هو المحاضر، يتحدث طوال الوقت والبقية منصتون وكأن على رؤوسهم الطير!، وهو ما يخالف جوهر مفهوم العمل البرلماني الذي يعتمد على الحوار والاستماع للطرف الآخر والمناقشة، لذا وحتى لا يغزو الملل نفوس الطلبة قبل أن يغزو الطير رؤوسهم، فضلت أن تعتمد محاضرتي على الحوار والاستماع للطرف الآخر مع تزويدهم ببعض المعلومات ذات العلاقة، وقد نجح الأسلوب واستطعت إشراك الطلبة معي في الحوار، كما تلهف للمشاركة المدرسون المرافقون وأعضاء مجلس أمناء المدرسة الذين شرفوني بحضورهم.
إن من الأهداف التي يطمح لها المجلس الأعلى للتعليم من وراء تفعيل البرلمان الطلابي: إشراك الطلبة في الممارسات الديمقراطية في المدرسة من خلال إتاحة الفرصة أمامهم لتبادل الآراء وعرض مشاكلهم المدرسية واقتراح الحلول المناسبة لها، وخلق قناة تواصل بين الطلبة والهيئة الإدارية والتدريسية، وتعزيز روح القيادة لدى أعضاء البرلمان الطلابي، وتعميق مبدأ الانتماء للمجتمع (أو المواطنة)، وخلق جيل قادر على تحمل المسؤولية، وتعويده على مهارات الإدارة والحوار والمناقشة واحترام الرأي الآخر.
وحتى لا تبقى هذه الأهداف في إطارها النظري ألزم المجلس الأعلى للتعليم مكتب المدارس المستقلة بمتابعة مدى تفعيل التوصيات من خلال المدرسة، وعقد اجتماعات مع رؤساء البرلمانات للتواصل معهم بصورة مباشرة، واستلام تقرير دوري من رئيس البرلمان بواقع مرة كل فصل دراسي عن سير العمل متضمناً التوصيات وما تم بشأنها.
من الأسئلة التي تم طرحها في هذا اللقاء: ما المقصود بالبرلمان، والبرلمان الطلابي على وجه الخصوص؟، وما هي اختصاصات وصلاحيات البرلمان عموماً؟ وهل هناك سقف للعمل البرلماني لا يتم تجاوزه؟ وإن كان يوجد فلماذا؟ ولماذا قاموا بترشيح أنفسهم للبرلمان الطلابي؟ وهل البرلمان الطلابي شكلي أم بالفعل حقق أهدافه؟ وكم توصية أو اقتراح تم تقديمه لإدارة المدرسة فقبلته واعتمدته؟ وهل استفادوا من تجربتهم؟ وهل سوف يرشحون أنفسهم في السنة القادمة؟ كما تم مناقشة الطلاب في برنامجهم الانتخابي والفعاليات التي قامت بها البرلمانات الطلابية في المدارس.
وقد قدم الطلبة لي بعض النماذج الإبداعية للأعمال التي قاموا بها، إذ كنت أخشى أن يقتصر دورهم فقط على المشاركة في تنظيم الاحتفالات والأنشطة غير الصفية! لكن ما عرضوه كان خارج هذا النطاق ويصب في تقديم حلول لبعض المشاكل المدرسية، أو الظواهر السلبية التي يتعرض لها من هم في أعمارهم، وتنظيم عملهم واستخدام وسائل لقياس نجاحهم في حل المشكلات.
انبهرت حقيقةً من جرأة شبابنا الصغار وثقتهم بأنفسهم وفصاحتهم ومبادرتهم في المشاركة والإجابة على الأسئلة ونقل تجاربهم، وعمق معلوماتهم بشأن العمل البرلماني.
خرجت من لقائنا هذا بإيمان عميق بأهمية هذه التجربة وأهمية دعمها وتعزيزها لخلق جيل رائع يؤمن بالمواطنة والحوار والمساواة والحرية، ويرفض الاستبداد والفساد ويؤمن بالمشاركة في اتخاذ القرار. فالمستقبل لهذا الجيل، وعندها "سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق