الخميس، 15 نوفمبر 2012

لماذا لم يصدر قانون علم الدولة إلى الآن؟





يمثل علم الدولة - مع شعارها وشارتها ونشيدها - أحد الرموز القانونية التي تحرص الدول على تحديدها وبيانها، فهو عنوان الانتماء، تحمله المباني الحكومية والبرلمانات ومجالس القضاء في إقليم الدولة، ويرفع في عرض البحر على السفن والبواخر، ويرفرف بعيداً على مبان السفارات. رفعه المناضلون لتحرير أوطانهم وطرد المستعمر، ورفعه المتميزون في جميع المجالات انتماءا وعرفاناً بالجميل لأوطانهم، ورفع على قمم الجبال، وعلى سطح القمر.
          لذلك كله، لا نعجب إذا جاءت قوانين العقوبات في الدول المختلفة لتنص على معاقبة من يهين العلم، فالمادة (138) من قانون العقوبات القطري[2] على سبيل المثال تنص على أن : (يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وبالغرامة التي لا تزيد على خمسة عشر ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أهان بإحدى الطرق العلانية علم الدولة، أو علم دولة غير معادية، سواء بإتلافه، أو إنزاله، أو بأي عمل آخر يعبر عن الكراهية والازدراء).
          ولأهمية العلم تذهب العديد من الدول إلى تحديد شكله ومقاييسه وألوانه في صلب دساتيرها، فالمادة (3) من النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية على سبيل المثال تنص على أن يكون لون علم الدولة أخضر، عرضه يساوي ثلثي طوله، تتوسطه كلمة: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) تحتها سيف مسلول...، والمادة (5) من دستور الجمهورية اللبنانية تنص على أن العلم اللبناني أحمر فأبيض فأحمر أقساماً أفقية تتوسط الأرزة القسم الأبيض بلون أخضر....، وإلى بيان شكل العلم ومقاييسه ذهبت المادة (4) من دستور المملكة الأردنية الهاشمية، والمادة (4) من دستور الجمهورية التونسية والمادة (7) من دستور المملكة المغربية.[3]
          وقد تترك دساتير دول أخرى تحديد علم بلادها إلى تشريع أدنى ليبينها كالقانون مثلاً، ومن هذه الدساتير الدستور الدائم لدولة قطر الذي نص في المادة (3) منه على: (أن يحدد القانون علم الدولة...). وإلى حكم مماثل ذهبت المادة (5) من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، والمادة (3) من دستور مملكة البحرين.[4]
          وعلى الرغم من أن الدستور لدينا في دولة قطر نص على أن يحدد القانون علم الدولة إلا أن هذا القانون لم يصدر بعد !!، علماً بأن حكم هذه المادة في الدستور الدائم مماثل لما ورد في المادة (3) من النظام الأساسي المؤقت المعدل لدولة قطر (دستور 1972)، ومثل هذا الحكم ورد أيضاً في النظام الأساسي المؤقت لدولة قطر (دستور 1970).  لذا يحق لنا أن نتساءل عن سبب تأخر صدور مثل هذا القانون على الرغم من مضي أكثر من 35 عاماً على استقلال دولة قطر، ومضي عشرات العقود على تبني أهل قطر لعلمهم على الهيئة المعروفة لنا الآن، ويتكون من:
          اللون الأبيض: رمز النقاء والصفاء والسلام، والأحمر القاني (عنابي): رمز التضحية والسمو والفداء، وأسهم تسعة: ترمز إلى التكاتف والتعاون والإخاء، هذا هو علم بلادي وإن لم يصدر قانون ليحدده.





[1]  نشرت في جريدة الشرق القطرية، الثلاثاء 20 نوفمبر 2007.
[2]  القانون رقم (11) لسنة 2004 بإصدار قانون العقوبات الصادر بتاريخ 10/5/2004. نشر في الجريدة الرسمية في العدد السابع بتاريخ 30 مايو 2004، أنظر أيضاً: تشريعات عام 2004، الجزء الأول، ص: 53، منشورات إدارة الفتوى والعقود بوزارة العدل القطرية.
[3]  للإطلاع على الدساتير العربية أنظر مؤلف: دساتير الدول العربية، إعداد قسم الدراسات الانتخابية والقانونية في مركز بيروت للأبحاث والمعلومات، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2005.
[4]  للمقارنة بين دساتير الدول العربية أنظر دستور الكويت والدساتير العربية المعاصرة، د. محمود حلمي، ذات السلاسل، الكويت، 1989، و أنظر أيضاً مؤلف: دساتير الدول العربية، المرجع السابق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق