الاثنين، 26 ديسمبر 2011

راتب لكل ربة بيت

 
راتب لكل ربة بيت
نشر المقال في 23 نوفمبر 2011
د. حسن عبدالرحيم السيد 

يمنح بعض الدساتير حق اقتراح القوانين لأعضاء البرلمان، فيما يمنح بعضها الآخر هذا الحق لأعضاء البرلمان ولرجال الحكومة معاً، في حين تذهب دساتير أخرى إلى قصر اقتراح القوانين على الحكومات فقط. وفي الديمقراطيات المباشرة حيث يحكم كل الشعب نفسه بنفسه كمقاطعتي قلاريس وأزنبل في سويسرا فإن اقتراح القوانين حق لكل مواطن حيث يجتمع كل المواطنين مرة في السنة لاتخاذ القرارات السياسية التي تهمهم. وهناك صورة أخرى للديمقراطية يطلق عليها فقهاء الدستور "ديمقراطية شبه مباشرة"، يقوم من خلالها عدد معين من المواطنين يشكلون نسبة معينة من الشعب كعشرين بالمائة، مثلاً، باقتراح قانون معين يرفع إلى البرلمان ومن ثم يأخذ هذا الاقتراح مجراه عبر الإجراءات التشريعية المختلفة. 
ولما كان الاقتراح مجرد فكرة قد يصادف قبولاً من البرلمان أو الحكومة فيصاغ في قالب قانون ويُصدق ويصدر، أو قد لا يلقى قبولاً فيوأد ويذهب أدراج الرياح، فإنني أرى بأن من حق كل إنسان مواطن أو مقيم أن يقترح ما شاء الله له أن يقترح، لذا فإنني أقترح مشروع قانون يتمثل في: منح كل ربة بيت مخصصات مالية شهرية.
وأقترح أن يشترط في ربة البيت حتى تستفيد من هذه المخصصات ما يأتي:
- أن تكون قطرية الجنسية أو زوجة لشخص قطري الجنسية. 
- أن يكون لديها أبناء، سواء كانت العلاقة الزوجية مستمرة، أو كانت أرملة أو مطلقة.
- أن تكون حاصلة على الشهادة الثانوية على الأقل.
- ألا تكون لديها وظيفة في الحكومة أو عمل تتقاضى منه راتباً من أية جهة من الجهات.
- ألا تستلم معاشاً تقاعدياً.
- ألا تعمل في التجارة بشكل مباشر.
- ألا تكون لديها أكثر من خادمة واحدة.
واقترح أن تضاف إلى هذه المخصصات علاوات أخرى إذا أثبتت الأم تفوق أبنائها في الدراسة، أو مشاركتهم المستمرة في خدمة المجتمع أو العمل التطوعي أو حفظهم لأجزاء من كتاب الله أو أي أمر آخر يمكن إثباته ويعود بالنفع على الأسرة والمجتمع والوطن. 
إن تبني مثل هذا الاقتراح سوف يعني الاعتراف بعمل ربة البيت كوظيفة اجتماعية مقدسة كغيرها من الوظائف، وهي بلا شك وظيفة طبيعية تفرضها الفطرة الإنسانية على كل أم ولا تستوجب في الأصل المكافأة المادية عليها، ولكن في المقابل، فإن حاجة بعض الأسر إلى المال قد تدفع ربات البيوت إلى العمل وترك المنزل لفترة طويلة لاسيَّما هذه الأيام التي امتدت فيها ساعات الدوام اليومي في الكثير من الجهات إلى الثانية والنصف ظهراً ومع زحمة الشوارع فإنها قد لا تصل البيت إلا عند الثالثة في أفضل الأحوال، ناهيك عن امتداد التأثير النفسي للعمل حتى بعد ساعات الدوام الفعلية والرجوع إلى المنزل.
إن ترك الأم المنزل للعمل لا شك بأنه يشكل فراغاً وشاغراً لن يغطيه عوضاً عنها أحد مهما كان، ولما كان الكثير من الأمهات يرغبن في منح بيوتهن وأسرهن المزيد من الوقت، إلا أن الظروف المعيشية تدفعهن إلى خلاف رغباتهن فإن تبني مثل هذا الاقتراح سوف يحقق فوائد عظيمة تعود ثمارها على المجتمع بأسره. 
إن هذا الاقتراح لا يهدف في أي حال من الأحوال إلى قتل الطموح لدى المرأة أو منعها من العمل أو مواصلة دراستها إلى ما بعد الثانوية، فلكل امرأة حق الاختيار دون أي فرض أو قسر. ولكن هذا القانون يهدف إلى تحقيق التوازن الطبيعي المستقر في الإرث الإنساني العظيم، ويمكّن الأم من خلق شعب طيب الأعراقِ. كما أن هذا الاقتراح لا يمنع أية امرأة من العمل خارج البيت ولكن في هذه الحالة سوف تفقد المسمى الوظيفي الرفيع الممنوح لها بلا منازع عبر الزمان، إلا وهو: (ربة البيت)، وسوف تستبدله بمسميات أخرى لا تكون هي (الربة) في موقعها بل تابعة أو خاضعة لغيرها. 
أن دولة كدولة قطر أقسم فيها الأمير "أن يكون المواطن القطري أعز مواطن، يُغبط من غيره لكونه قطريا، ويقول لو لم أكن قطريا لتمنيت أن أكون قطريا" لا تعجز عن تقرير صندوق استثماري أو أوقاف خاصة يخصص ريعها لهذه المخصصات التي تحيي فيه دور الأم.

هذا والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق