الاثنين، 12 ديسمبر 2011

فاعلية هيئة الرقابة.. والجمع بين المناصب والسلطات!

فاعلية هيئة الرقابة.. والجمع بين المناصب والسلطات!
2011-12-13


 في مقال الأسبوع الماضي تناولت قرار إنشاء هيئة الرقابة الإدارية والشفافية، وتم التركيز على جوانب منه، لاسيما الاختصاصات الواسعة للهيئة والتي تبتعد شيئاً ما عن مضمون الهدف من إنشائها، فتَتَشتّتْ جهودها دون إصابة المرمى. وأشرت في المقال ذاته كذلك إلى عناصر البيئة التي تحيا في جوّها الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، ومن أهمها وجود المجلس التشريعي المنتخب والمستقل والمراقب للحكومة سياسياً ومالياً، ووجود إعلام حر ومنظمات المجتمع المدني المستقلة، والقضاء الإداري ذي الاختصاص الشامل الذي تخضع لرقابته جميع القرارات الإدارية.
ويستدعي موضوع هيئة الرقابة الإدارية والشفافية التطرق لجانب آخر لم نتناوله في المقال السابق، وهو موضوع فاعلية الهيئة وقدرتها على أداء دورها في استقلال وحياد، لاسيما إذا أبرزنا مسألة الجمع بين منصب رئيس الهيئة ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء في شخص واحد. ذلك أن الهيئة أنشئت لتكون مستقلة عن مجلس الوزراء فهي تتبع سمو الأمير مباشرة، كما أن التمعن في النصوص المبينة لهدف إنشائها وتلك المحددة لاختصاصاتها والمعددة للجهات التابعة لرقابتها يظهر مدى أهمية إبقاء هذه الهيئة مستقلة عن مجلس الوزراء كي تحقق هدفها.
لكن كيف يمكن أن يتحقق ذلك في حال الجمع بين المنصبين؟ فالعديد من المسائل التي تختص الهيئة بالكشف عن عيوبها والبحث والتحري عن أسباب قصورها، تتم باقتراح أو بموافقة أو باعتماد أو بإقرار أو تحت إشراف مجلس الوزراء. فمجلس الوزراء وفقاً للمادة (121) من الدستور هو المختص باعتماد اللوائح والقرارات التي تعدها الوزارات والأجهزة الحكومية تنفيذاً للقوانين، وهو المختص باقتراح إنشاء الأجهزة الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، وتنظيم هذه الأجهزة والمؤسسات، كما أنه المختص في إدارة مالية الدولة، والمختص بالرقابة العليا على سير النظام الحكومي والإداري. ومجلس الوزراء هو المختص أيضاً وفقاً لما أشارت إليه المادة (4) من قانون رقم (21) لسنة 2004 بشأن الوزراء بإقرار السياسة العامة للوزراء والتي يشرف على تنفيذها كل وزير في نطاق وزارته، بل إن القانون يفرض على كل وزير أن يعرض الموضوعات المتعلقة بنشاط وزارته والبيانات والتقارير المتعلقة بها على مجلس الوزراء. فجميع هذه النصوص تبين أن مجلس الوزراء ليس بمنأى عما يجري ويحدث ويعتمد وينفذ في هذه الأجهزة والوزارات والمؤسسات.
ورئيس الهيئة الذي هو في الوقت ذاته نائب رئيس مجلس الوزراء هو عضو في مجلس الوزراء وفقاً للمادة (2) من قرار تنظيم مجلس الوزراء رقم (28) لسنة 2009، الذي يأخذ قراراته بموافقة أغلبية الأعضاء، "وتلتزم الأقلية برأي الأغلبية". فنائب رئيس مجلس الوزراء يشترك إذن في اتخاذ القرار، ويلتزم برأي الأغلبية وإن خالفت رأيه. بل إن نائب الرئيس يحل محل الرئيس في حال غيابه. فمن الأجدى إذن ألا يتم الجمع بين رئاسة الهيئة ومنصب نائب رئيس مجلس الوزراء.
ومن جانب آخر يجب ألا يغيب عن ذهننا أخيراً، أن وجود الهيئة لن يحقق الهدف المنشود من إنشائها، في ظل شرعنة الفساد. ونقصد بذلك تغطية المساس بالمال العام بغطاء تشريعي يجعل هدر المال العام مشروعاً فلا يمكن محاسبة أو معاقبة مرتكبه. وهذا يتحقق عندما تُجمع سلطة التشريع مع سلطة التنفيذ في يد واحدة.
هذا والله من وراء القصد
halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق