الاثنين، 18 أبريل 2011

تقرير المنجزات والخطة السنوية للدولة

تقرير المنجزات والخطة السنوية للدولة
2011-04-19


تنص الفقرة (11) من المادة (121) من الدستور الدائم لدولة قطر على اختصاص مجلس الوزراء بـ"إعداد تقرير في أول كل سنة مالية، يتضمن عرضاً تفصيلياً للأعمال الهامة التي أنجزت داخلياً وخارجياً، مقروناً بخطة ترسم أفضل الوسائل الكفيلة بتحقيق النهضة الشاملة للدولة وتوفير أسباب تقدمها ورخائها، وتثبت أمنها واستقرارها، وفقاً للمبادئ الجوهرية الموجهة لسياسة الدولة المنصوص عليها في هذا الدستور، ويرفع التقرير للأمير لإقراره". ونص هذه الفقرة يتماثل تماماً مع الفقرة (12) من المادة (34) من النظام الأساسي المؤقت المعدل (دستورنا السابق 1972). كما أن لهذا النص أصلا تاريخيا في أول دستور مكتوب للدولة وهو نص الفقرة (9) من المادة (37) من النظام الأساسي المؤقت (1970).
وعودة لهذا التقرير، نجد أن مجلس الوزراء يجب أن يقوم بإعداده في أول كل سنة مالية، أي في الأول من أبريل من كل عام، وقد مرت قبل أيام محدودة بداية السنة المالية لدولة قطر، ولا أدري! هل أعد هذا التقرير أو لم يعد؟ كما أنني لا أذكر أني قرأت يوماً في الصحف المحلية خبراً يتعلق بهذا التقرير، لا في هذه السنة ولا في السنوات السابقة، لاسيما وأن هذا النص متوارث عن دساتيرنا السابقة، وليس أمراً مستحدثاً جاء به الدستور الدائم للدولة. وإذا كان هذا النص مفعل فعلاً، فيجب أن يكون لدينا في الأرشيف التاريخي لدولة قطر أكثر من أربعين تقريراً حتى الآن! هذا إن قلنا إن المشرع الدستوري أوجب على مجلس الوزراء بإعداد مثل هذا التقرير منذ عام 1970.
ولا أعتقد إن مثل هذا التقرير ينبغي أن يكون سرياً، لا يطلع عليه أحد من المواطنين، بل على العكس يدفعنا كل من: مبدأ الشفافية ومبدأ المصداقية إلى الإعلان عنه ونشره حتى يلاحظ الرأي العام على الأقل مدى سير الحكومة عليه. كما أن تعلق هذا التقرير بالدولة وتحقيق نهضتها الشاملة، وأسباب تقدمها ورخائها يفرض على الحكومة أن تعلن عنه وتكشفه للملأ. فنهضة الدولة وتقدمها أمر يهم الجميع، والمواطنون شركاء حقيقيون، وتفترض الحكمة ألا يستبعدوا حتى تأتي الخطة ثمارها. هذا إلا إذا كان هذا النص مجرد نص لا يترجم مضمونه في الواقع العملي، مثل نصوص عديدة في الدستور، كتبت ولم تفعل إلى الآن!.
على أي حال، فبالعودة إلى نص الفقرة (11) من المادة (121) من الدستور، نجد أن هذا التقرير ينقسم إلى قسمين رئيسيين: أحدهما يتعلق بالماضي، ويتمثل في عرض الأعمال الهامة التي أنجزت داخلياً وخارجياً، وهذا العرض يشترط أن يكون تفصيلياً. أما القسم الثاني من التقرير فيتعلق بالمستقبل القريب المحدد بمدة سنة واحدة، ويتضمن هذا القسم الخطة التي ترسم أفضل الوسائل الكفيلة بتحقيق النهضة الشاملة للدولة وتوفير أسباب تقدمها ورخائها وتثبيت أمنها واستقرارها. وهذا القسم من التقرير لا شك بأنه سيكون ماضيا عند إعداد التقرير في السنة اللاحقة، وسوف تشكل المنجزات التي تحققت وفقاً له القسم الأول من التقرير للسنة القادمة، وهكذا، وبتتابع في كل سنة.
وأخيراً، يشترط الدستور في الخطة التي توضع في هذا التقرير أن تكون وفقاً "للمبادئ الجوهرية الموجهة لسياسة الدولة المنصوص عليها في هذا الدستور". ولكن بالعودة إلى الدستور الدائم لا نجد أية إشارة لهذه المبادئ الجوهرية، فهذه الأخيرة كانت بالفعل موجودة في النظام الاساسي المؤقت (دستور 1970) ، وفي النظام الأساسي المؤقت المعدل (دستور 1972)، وكانت تأتي في الباب الثاني منهما وتشتمل على: المبادئ السياسية، والمبادئ الاقتصادية، والمبادئ الاجتماعية، والمبادئ الثقافية. أما دستورنا الحالي فأستعيض عنها بباب " المقومات الأساسية للمجتمع"، فهل نقل واضعو دستورنا الحالي هذا النص من النظام الأساسي المؤقت "حرفياً" دون أن يتحملوا حتى عبء إعادة صياغته ليتفق ما يتضمنه الدستور حقيقةً ؟. أم إنه دليل آخر على عدم الجدية في تنفيذ نصوص الدستور؟
هذا، والله من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق