الأحد، 3 أبريل 2011

مقارنات: مجلس الشورى السعودي

مقارنات: مجلس الشورى السعودي
2011-03-29


مر مجلس الشورى السعودي بعدة مراحل ابتداء من تأسيسه عام 1924 في عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود والذي كان يطلق عليه المجلس الأهلي الشوري، ومروراً بعام 1953 السنة التي بدأ بها دور هذا المجلس يضعف ويتقلص بسبب توزيع العديد من اختصاصاته على أول مجلس للوزراء ينشأ في المملكة، وانتقالاً إلى عهد الملك فهد بن عبدالعزيز الذي شهدت عصره عام 1992 قفزة دستورية كبيرة بصدور عدد من الأنظمة الأساسية الهامة ومنها النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الوزراء، ونظام مجلس الشورى.
مجلس الشورى السعودي يتألف اليوم من مائة وخمسين عضواً يتم تعيينهم بالكامل من قبل الملك، ويلتزم الملك عند اختيار هؤلاء أن يكونوا من أهل العلم والخبرة والاختصاص. وعلى خلاف مجلس الشورى القطري ذهبت المادة (13) من نظام مجلس الشورى السعودي إلى تأقيت عضوية الأعضاء بمدة أربع سنوات، وحتى لا يتم تعيين ذات الشخصيات نصت المادة بأنه يجب أن يتم تغيير نصف عدد الأعضاء على الأقل عند انتهاء هذه المدة. وبالرغم من كون هذا المجلس غير منتخب، وبالتالي لا يمثل حقيقةً إرادة الشعب، إلا أن مسألة تأقيت العضوية لها اهميتها في ضخ دماء جديدة لهذا الكيان، تأتي بحماس المتقلد لمنصبٍ جديدٍ يريد التغيير ويريد إثبات ذاته. كما أن المادة (9) من نظام المجلس لا تجيز كأصل عام الجمع بين عضوية مجلس الشورى وأي وظيفة حكومية أخرى، أو إدارة أي شركة، وهي تجعل الأعضاء متفرغين لأداء دورهم بفاعلية في المجلس.
أما بشأن اختصاصات مجلس الشورى السعودي فإن من أبرزها دوره التشريعي، حيث يؤكد النظام على حق المجلس في اقتراح مشروع أي قانون (نظام) جديد، أو اقتراح تعديل قانون نافذ. وهذا دور للأسف الشديد يفتقده مجلس الشورى القطري الحالي (المعين) إذ أن حق اقتراح مشروعات القوانين يقتصر حالياً على الحكومة في قطر.
وجدير بالذكر أن دور مجلس الشورى السعودي بشأن التشريعات يتجاوز قليلاً الاكتفاء بتقديم توصيات غير ملزمة وهو شأن مجلس الشورى القطري المعين، فعلى خلاف ذلك، نجد مناقشة مشروعات القوانين ودراستها في مجلس الشورى السعودي تنتهي بقرارات ترفع إلى مجلس الوزراء، فإذا اتفقت وجهة نظر مجلس الوزراء مع قرارات مجلس الشورى بشأن هذه المشروعات رفعت للملك لتؤخذ التشريعات دورها في التصديق والإصدار، ولكن إن اختلفت وجهتي النظر يلتزم مجلس الوزراء برد مشروع القانون إلى مجلس الشورى ثانية ليبدي ما يراه بشأنه ثم يرفع للملك، الذي يملك الكلمة الأخيرة في هذا الأمر. وهذا الدور وإن كان يجعل القرار الأخير بيد الملك وليس بيد الشعب، إلا أنه أعطى مجلس الشورى قدراً من الاهتمام والأهمية يتمثل في منحه الفرصة لإبداء رأيه ثانية وبيان سبب تمسكه بالمشروع بالرغم من اختلاف مجلس الوزراء معه في الرأي.
ومن جانب آخر نجد تقدم مجلس الشورى السعودي كذلك بشأن مشروعات المعاهدات والاتفاقيات الدولية، إذ أن له دورا في دراستها واتخاذ قراره بشأنها، وهو أمر لا يتمتع به مجلس الشورى المعين في دولة قطر، إذ تذهب المادة (24) من النظام الأساسي المؤقت المعين (وهي مادة سارية المفعول في الواقع العملي إلى الآن، بالرغم من مرور ست سنوات على إصدار الدستور الدائم)، تذهب هذه المادة إلى مجرد ابلاغ مجلس الشورى بشأن المعاهدات التي تبرمها الدولة، دون أن يكون له دوراً في دراستها أو مناقشتها.
علاوة على ما سبق، يمنح النظام السعودي كذلك مجلس الشورى اختصاص تفسير القوانين، وهو أمر منحه المشرع في دولة قطر للمحكمة الدستورية، التي لم تر النور حتى الآن! بالرغم من فوات أكثر من سنتين على الوقت الذي حدده المشرع لممارسة عملها.
لا شك أن مجلس الشورى السعودي ليس المثال الذي نطمح له نحو الديمقراطية والمشاركة الحقيقية للشعب في اتخاذ القرار وإدارة شؤون الحكم، كما أن اختصاصات مجلس الشورى المنتخب الذي نص عليها الدستور الدائم لدولة قطر بالرغم من شكليتها تفوق تلك التي ينص عليها نظام مجلس الشورى السعودي. إلا أن عدم تفعيل هذه المواد من الدستور القطري إلى الآن، وتطوير السعودية لمجلسها بمنحها المزيد من الصلاحيات، يجعلنا نتساءل عن سبب تعثر مسيرتنا نحو الديمقراطية؟
هذا، والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق