الثلاثاء، 1 مارس 2011

مجلس الوصاية

مجلس الوصاية
2007-05-29


تأتي الدساتير بقواعد عامة مجردة لا يقتصر هدفها على معالجة مسائل وأوضاع آنية، بل تمتد رؤية واضعيها ونظرتهم لتشمل جميع الاحتمالات والمتغيرات التي قد ترمي بها رياح الواقع. لذا ليس مستغرباً أن تعالج المادة (16) من الدستور الدائم لدولة قطر فرضية إذا لم يكن ولي العهد قد أكمل سن الثامنة عشر عاماًَ عند المناداة به أميراً. فقد عهدت المادة إلى مجلس وصاية لا يقل عدد أعضائه عن ثلاثة ولا يزيد عن خمسة للقيام بإدارة دفة الحكم في البلاد. وأعضاء مجلس الوصاية يقوم باختيارهم الأمير القائم حال حياته، فإن توفي ولم يفعل، قام مجلس العائلة الحاكمة باختيارهم. والمقصود بمجلس العائلة الحاكمة هنا، هو ذلك الذي ينشأ بقرار من الأمير وفقاً للمادة (14) من الدستور ويتولى صلاحيات عديدة من أهمها إعلان خلو منصب الأمير عند وفاته، أو عجزه كلياً عن ممارسة مهامه.

وقد اشترط الدستور أن يكون رئيس مجلس الوصاية وأغلبية الأعضاء من العائلة الحاكمة. ونظراً لأن مجلس الوصاية يقوم بإدارة دفة الحكم نيابة عن الأمير إلى أن يبلغ السن الدستورية، فقد اشترط قانون حكم الدولة ووراثته أن يؤدي رئيس مجلس الوصاية والأعضاء قبل توليهم مناصبهم اليمين أمام مجلس العائلة الحاكمة. وقد جاءت صيغة القسم على النحو التالي: (أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً لدولة قطر وللأمير وأن احترم الدستور والقانون وأن أؤدي مهمتي كوصي بإخلاص وأمانة وشرف). والملاحظ أن صيغة القسم التي جاء بها قانون حكم الدولة ووراثته تختلف عن صيغ القسم المعتادة والواردة في الدستور، فالمستعرض لمواد الدستور كالمادة (74) بشأن قسم سمو الأمير، والمادة (10) بشأن قسم سمو ولي العهد، وحتى المادة (119) بشأن قسم رئيس مجلس الوزراء والوزراء، يراها جميعاً تنص علاوة على ما تضمنه قسم الوصي المذكور أعلاه، القسم بالله العظيم على (احترام الشريعة الإسلامية)، وعلى صون استقلال البلاد والمحافظة على سلامة إقليمها، والذود عن حريات الشعب ومصالحه. وهي صيغة مفضلة لكونها تتفق مع المادة (1) من الدستور التي تؤكد بأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيس لتشريعاتها، والمادة (5) التي تؤكد على المحافظة على استقلال الدولة وسيادتها وسلامة إقليمها وأمنها واستقرارها.

ويمارس مجلس الوصاية الصلاحيات المقررة للأمير، وهي صلاحيات عديدة جاء الفصل الثاني من الباب الرابع من الدستور لينص عليها، ومن أهمها رسم السياسة العامة للدولة والمصادقة على القوانين واللوائح وإنشاء وتنظيم الوزارات والأجهزة الحكومية وإبرام المعاهدات وإعلان الأحكام العرفية وإعلان الحرب الدفاعية وتعين رئيس مجلس الوزراء والوزراء وإعفائهم وحل مجلس الشورى.

ويعقد مجلس الوصاية اجتماعاته بحضور أغلبية الأعضاء ويشترط أن يكون من بينهم الرئيس، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأصوات الأعضاء الحاضرين، وتصدر هذه القرارات باسم الأمير. وقد نصت المادة (17) من قانون حكم الدولة ووراثته على مهمة أخرى لمجلس الوصاية وهي تهيئة الأمير لتولي مهامه الدستورية في المستقبل، وذلك بإعداده طوال فترة الوصاية لذلك. وتجدر الإشارة إلى أن المذكرة التفسيرية للدستور القطري قد أوردت اسم ولي العهد خطأً عند تفسيرها للمادة (16) من الدستور بنصها على أن يساعد مجلس الوصاية على إعداد (ولي العهد) لتحمل مسؤولياته المستقبلية، والصواب أن تذكر بأن مجلس الوصاية يساعد على إعداد (الأمير) لتحمل مسؤولياته المستقبلية. وهذا هو صريح نص المادة (16) من صلب الدستور، والمادة (17) من حكم الدولة ووراثته، وهو متفق مع القسم الذي يؤديه الوصي بأن يكون مخلصاً للأمير، فولي العهد ينادى به أميراً - أولاً - غير أنه لا يتولى صلاحياته إلا بعد بلوغه ثمانية عشر عاماً، كما إن القول بغير ذلك يجعل منصب الإمارة شاغراً حتى يبلغ ولي العهد السن الدستورية.

ونظراً للدور الخطير الذي يقوم به مجلس الوصاية من ممارسة صلاحيات الأمير واختصاصاته الدستورية، جعلته المادة (13) من قانون حكم الدولة ووراثته تحت إشراف ورقابة مجلس العائلة الحاكمة، ولهذا الأخير أن يعفي أحد أعضاء مجلس الوصاية أو يقبل استقالته، وله أن يعين أعضاءً جدداً بدلاً ممن انتهت عضويته بسبب الإعفاء أو الاستقالة أو الوفاة أو العجز الكلي. وتنتهي مهمة مجلس الوصاية ببلوغ الأمير سن الثامنة عشر عاماً ميلادية، ويباشر الأمير صلاحياته اعتباراً من ذلك التاريخ.
هذا والله من وراء القصد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق