الثلاثاء، 1 مارس 2011

القواعد الدستورية المنظمة لولاية العهد

القواعد الدستورية المنظمة لولاية العهد
2007-05-15


تضم بعض الدساتير ذات النظام الملكي قواعد خاصة بشأن ولي العهد، فهو أمير المستقبل، وتنظيم هذا المنصب ضرورة يستلزمها استقرار شؤون الحكم والبلاد، وهذا ما بينته المذكرة التفسيرية للدستور القطري التي ذهبت إلى أن: «الأعمار بيد الله، وان استمرار الصحة ليس أمراً مضموناً، والأمير عرضة لما يعرض للناس جميعاً فإذا حل الأجل وتوفي الأمير أو إذا ألم به مرض عضال أصابه بعجز كلي لا قدر الله فإن أمور البلاد لا يمكن أن تترك سدى ولا بد ان تواجه تلك الحقيقة مهما كان مبلغها من الإيلام».

واختيار ولي العهد أمر تركه الدستور لاختصاص الأمير القائم وفقاً للشروط التي وردت في الدستور وفي قانون حكم الدولة ووراثته والتي تتمثل في النسب والإسلام والذكورة، وان يكون من أم قطرية مسلمة.
ولم يحدد كل من الدستور وقانون حكم الدولة ووراثته فترة زمنية معينة ينبغي خلالها للأمير القائم أن يحدد من يكون ولياً للعهد على خلاف ما كان منصوصاً عليه في النظام الأساسي المؤقت المعدل - قبل إجراء التعديل عليه - إذ كان يشترط ان يتم ذلك خلال سنة على الأكثر من صدور النظام. ولا شك ان إلزام الأمير أن يختار ولياً للعهد خلال هذه المدة فيه حرص من المشرع على عدم التراخي في أمر تحديد ولي العهد وذلك لتفادي احتمالية خلو منصب الأمير دون تعيين الأمير اللاحق، وهو أمر قد يؤدي إلى شيء من عدم الاستقرار ولو لفترة قصيرة. وهذا ما ذهب إليه دستور دولة الكويت «1962» إذ نص على أن يعين ولي العهد خلال سنة على الأكثر من تولية الأمير.

غير ان دستور دولة قطر الدائم رأى في تقييد الأمير بفترة زمنية محددة لاختيار ولي العهد تضييقاً، مما قد يفرض عليه اختيار من قد لا يراه مناسباً لهذا المنصب. وقد يؤدي اشتراط اختيار ولي العهد خلال سنة من تولي الإمارة إلى احتمالية ترك الأصل العام في اختيار الابن لتولي منصب ولاية العهد، لاسيما إذا كان الأمير صغيراً ولم ينجب بعد.

فإذا حدد الأمير ولي العهد فإن تعيينه لا يتم إلا بعد التشاور مع العائلة الحاكمة وأهل الحل والعقد في البلاد، وهو أمر أكدته السوابق التاريخية في دولة قطر على حرص الحكام في اتباعهم في كل أمر مهم من أمور البلاد. والعائلة الحاكمة لا يعني بها مجلس العائلة الحاكمة المشار إليه في المادة «14» من الدستور، كما لا تعني كل أفراد العائلة وهو أمر متعذر من الناحية القانونية بل رجالاتها ممن يرى سمو الأمير مكانتهم وسداد رأيهم. وأهل الحل والعقد مصطلح فقهي إسلامي ينصرف إلى «أفاضل المسلمين المؤتمنين في هذا الشأن الذين حنكتهم التجارب وعرفوا الصفات المرعية فيمن يناط به أمر الرعية، لأن لكل مقام ما يليق به من العلم، فالشخص البصير بأمور الولاية والسياسية العارف بمن يصلح لمنصب الإمامة هو الشخص الكفء لاختيار الإمام». ويمكن ان ينصرف مفهوم أهل الحل والعقد في وضعنا هنا إلى المستشارين الخاصين بسمو الأمير، وبعض رجالات الحكومة السابقين وبعض الوزراء الحاليين، وبعض أعضاء مجلس الشورى، وكبار رجال الأسر والقبائل القطرية.

فإذا استقر رأي الأمير على من اختاره لولاية العهد كان التعيين بأمر أميري، ويكون حين ذلك لقبه «سمو ولي العهد». ويؤدي ولي العهد أمام الأمير اليمين التالية:
أقسم بالله العظيم ان احترم الشريعة الإسلامية والدستور والقانون، وأن أصون استقلال البلاد واحافظ على سلامة إقليمها، وأن اذود عن حريات الشعب ومصالحه، وان اكون مخلصاً للوطن وللأمير». وأداء سمو ولي العهد لليمين أمر تفرضه عليه الحياة العملية إذ يتولى وفقاً للمادة «11» من الدستور صلاحيات الأمير واختصاصاته نيابة عنه في حال غياب الأمير خارج البلاد، علاوة على ما يعهده الأمير لولي العهد من صلاحيات ومهام أثناء وجوده في البلاد.

والله من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق