الخميس، 3 فبراير 2011

الحاكم مصدر السلطات

نشر بالشرق بعنوان "الشعب مصدر السلطات!!
2007-02-20


تحتوي العديد من دساتير العالم نصاً يقرر أن (الشعب مصدر السلطات)، وهو مبدأ كتبته شعوب الدول ذات الديمقراطيات العريقة بدمائها بعد أن ثارت على ظلم الملوك واستبدادهم وطغيانهم، ضماناً لترسيخ الديمقراطية ومبدأ الفصل بين السلطات وعدم خضوعها لشخص واحد ينفرد بشؤون البلاد والعباد. ووفقاً لهذا النص - الذي تحول في جانب منه أو آخر إلى مجرد نص نظري - يأتي أعضاء السلطات الدستورية الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية عن طريق الشعب. فالسلطة التشريعية تتألف من نواب الشعب، الممثلين عنه والذين وصلوا عن طريقه إلى قبة البرلمان، ورئيس الدولة أو الحكومة وأعضائها الذين نالوا رضا أغلب الشعب وأصواته فتبوأوا مقاعدهم، كما أن القضاة وصلوا إلى منصة العدالة عن طريق الانتخاب وهو الأمر المعمول به في بعض ولايات أمريكا وبعض الدول الاشتراكية.

ونحن في الدول العربية نزين دساتيرنا بهذا المبدأ والذي لا يتفق مع ما تتضمنه بقية موادها من ناحية، ويكذبه الواقع العملي من ناحية أخرى. فبقراءة سريعة لمواد هذه الدساتير وما يتعلق منها بالسلطات الثلاث نجد أن رئيس الدولة أو رئيس الجمهورية أو الحاكم أو الملك أو الأمير هو من يعين أعضاء المجالس التشريعية إن لم يكن كلهم فيعين عدد كبير منهم، ويملك إقالة هؤلاء، كما يملك دعوة هذه المجالس للانعقاد وفضها، وتأجيل اجتماعاتها، وتمديد الفصول التشريعية، ويملك حل البرلمان وغيرها من المسائل، وكذلك الأمر بالنسبة للسلطة التنفيذية فالحاكم من يتولاها ويعين رئيس الحكومة أو رئيس مجلس الوزراء والوزراء ويعزلهم أو يقبل استقالتهم ويحدد مخصصاتهم، ويكونوا مسؤولين أمامه مسؤولية تضامنية أو فردية عن أعمال وزاراتهم. و هذا هو شأن السلطة القضائية كذلك إذ نراه هو من يعين القضاة بمرسوم ويعفيهم من مناصبهم إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك!!، كما يحدد مخصصاتهم وتصدر أحكامهم باسمه.

لذلك كله فإنني أرى ألا يزج بمبدأ الشعب مصدر السلطات في وثائقنا الدستورية، وإن كان لا بد من ذلك أن تستبدل به عبارة (الحاكم مصدر السلطات)، فهي أكثر صدقاً للواقع وأكثر توافقاً مع بقية نصوص الدستور.

والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق