الخميس، 3 فبراير 2011

الضمانات القانونية لنزاهة الانتخابات

الضمانات القانونية لنزاهة الانتخابات
2007-02-27


تضمن الدول المؤمنة بالديمقراطية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار السياسي، التشريعات الخاصة بتنظيم الانتخابات العديد من الضمانات التي تهدف إلى تحقيق انتخابات، نزيهة تعكس إرادة الشعب الحقيقة بحيث لا يصل إلى المجالس النيابية إلا من يرونه أهلاً لأن يمثلهم.

ومن هنا نرى دولة قطر تسعى من خلال تشريعات مختلفة إلى توفير هذه النزاهة، فهي أولاً تمنع تدخل أية سلطة في العملية الانتخابية، فليس للوزراء مثلاً التدخل في انتخابات المجلس البلدي أو مجلس الشورى أو التأثير عليها، وذلك وفقاً لنص المادة (11) من القانون رقم (21) لسنة 2004 بشأن الوزراء، إذ حضرت عليهم (التدخل في العمليات الانتخابية أو إجراءاتها بأية صورة من الصور بقصد التأثير في نتيجتها). كما أن ذهاب المشرع إلى حرمان العسكريين وأفراد القوات المسلحة من المشاركة في العملية الانتخابية، يراه بعض أساتذة القانون ضمانة لعدم التأثير على نزاهة الانتخابات بأي وجه من الوجوه.

ومن الضمانات المقررة لنزاهة العملية الانتخابية كذلك ما يقرره الدستور من تبني مبدأ (الاقتراع السري) ويعني ذلك أن يقوم الشخص بنفسه بالتوجه إلى مقر الانتخاب لاختيار من يمثله بسرية تامة بعد التأكد من شخصيته، دون توكيل أحدٍ غيره ودون أن يتم ذلك بطريق المراسلة مثلاً، أو حتى الوسائل الإلكترونية كالانتخاب عن طريق الانترنت، بالرغم مما فيها من تسهيل في ممارسة الحق، غير أن المشرع يرى منعها حتى لا تستغل من قبل أصحاب النفوس الضعيفة فتفسد العملية الانتخابية. فسرية الانتخابات تضمن أن يدلي الناخب بصوته للمرشح الذي يريده فعلاً دون أي تأثير أو حرج أو خوف، وهو ما لا يتحقق لو كان الاقتراع علنيا، إذ قد يحرج الشخص من أخيه، أو أمه وأبيه، أو فصيلته أو مرؤوسيه، فيصوت لمن يرونه، مجاملة أو خشيةً، بالرغم من إيمانه بعدم أهليته لتبوؤ هذا المكان.

ومن الضمانات القانونية لنزاهة العملية الانتخابية كذلك أن يتم تحديد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة بقانون، ولكن للأسف الشديد جاء الدستور القطري في المادة (79) ونص على أن تحدد بمرسوم، والمرسوم هو من وضع السلطة التنفيذية وحدها، على خلاف القانون الذي يشترك الشعب في وضعه عن طريق ممثليه في مجلس الشورى، لذا فإن الديمقراطية تقتضي أن تقسم الدولة إلى دوائر انتخابية بالأداة التشريعية المسمى (قانون)، وعدم ترك أمرها للسلطة التنفيذية، وذلك لاحتمالية أن تتخذه وسيلة تمكن بها أنصارها من النجاح، وتضعف خصومها عن طريق تشتيت الدوائر الموالية لهم حتى يصبحوا أقليات في دوائر متفرقة فينعدم أثرهم.

ومن الضمانات أيضاً أن يشرف على إدارة الانتخاب في كل دائرة لجنة أو أكثر، تشكل من أحد رجال القضاء أو النيابة العامة، ومندوب عن كل مرشح. وذلك حتى تجرى إدارة العملية الانتخابية بمنتهى الشفافية وتحت إشراف جهة مستقلة كالقضاء و نظر المرشحين أو مندوبيهم.

وأخيراً نرى من الضمانات كذلك وجود قانون يجرم ويعاقب بعض الممارسات والأفعال التي تقصد التأثير على نزاهة الانتخابات، وتحدد عقوبة توقع على مرتكبها، الذي قد يكون فردا عادياً، أو ممن أنيط بهم بعض الواجبات المتعلقة بالعملية الانتخابية كأعضاء لجان القيد ولجان الانتخاب. ومن هذه الجرائم ما قد يقع قبل العملية الانتخابية نفسها ولكنه متصل بها، كإدراج اسم في جدول الانتخاب أو إهمال اسم على خلاف أحكام قانون الانتخاب. ومنها ما قد يقع أثناء عملية الانتخاب، كاستعمال القوة أو التهديد لمنع الناخب من استعمال حقه أو حمله على التصويت على وجه معين، ومنها ما قد يقع أثناء عملية الفرز كتغيير نتيجة الانتخاب بأي طريقة من الطرق. ومما يجدر ذكره أن قوانين الانتخاب في الدول المختلفة تقسم جرائم الانتخاب وتصنفها على حسب خطورتها ومدى تأثيرها في نتيجة الانتخاب وحسب ما فرضت لها من عقاب. فهي مثلاً لا تساوي في العقاب بين من دخل قاعة الانتخاب بلا حق ولم يخرج منها عند أمر اللجنة له بذلك وبين من خطف الصندوق المحتوى على أوراق الانتخاب أو أتلفه، وهكذا.

والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق