الخميس، 3 فبراير 2011

الجمع بين رئاسة الوزراء ومنصب الوزير

الجمع بين رئاسة الوزراء ومنصب الوزير
2007-04-10


قبل أيام قلائل أصدر حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الأمر الأميري رقم (3) لسنة 2007، بتشكيل مجلس الوزراء، ونص الأمر على أن يكون معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيساً لمجلس الوزراء ووزيراً للخارجية. ونحن ننتهز هذه الفرصة كي نقدم تهنئة قلبية خالصة لمعالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر على الثقة الغالية التي أولاه إياها حضرة صاحب سمو الأمير. فهو أحد رجالات قطر البارزين، الذي كان له بفضل توجيهات الأمير إسهامات مشرقة وعظيمة في الدبلوماسية القطرية المتميزة التي كرست وبكل صدق المادة (7) من الدستور القطري الدالة على أن (تقوم السياسة الخارجية للدولة على مبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين، عن طريق تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعاون مع الأمم المحبة للسلام).

والجمع بين منصب رئيس مجلس الوزراء ومنصب الوزير وبالرغم من كونه جائز وفقاً للدستور القطري، إذ تنص المادة (118) منه على أنه (يجوز للأمير أن يعهد إلى رئيس مجلس الوزراء أو إلى الوزراء بمهام وزارة أو أكثر)، إلا أنه محل نظر، ويجعلنا نتوقف أمامه كثيراً، لاسيما إذا قورنت المادة السابقة بما ورد في كل من المادتين (110) و (111) من الدستور القطري، بشأن حق أعضاء مجلس الشورى في توجيه استجوابات للوزراء في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، وما قد يؤول إليه الاستجواب من طرح الثقة في الوزير.

ذلك أن الدستور القطري لم يأخذ بمبدأ التضامن الوزاري أمام مجلس الشورى، بمعنى إنه لا يجوز توجيه استجوابات لرئيس مجلس الوزراء وبالتالي يفترض أنه ليس لأعضاء مجلس الشورى أية آلية دستورية لطرح الثقة عنه. وهذا ما أكدته المذكرة التفسيرية للدستور عند تفسيرها للمادتين السابقتين من الدستور بقولها: (ولما كان الدستور لم يأخذ بمبدأ المسؤولية التضامنية للوزراء أمام المجلس فإنه رأى أن يقتصر توجيه الاستجواب على الوزراء وحدهم ولايجوز توجيه استجوابات إلى رئيس الوزراء قد تؤدي إلى طرح الثقة به) وذلك لأن الاستجواب (كما تقول المذكرة التفسيرية) يحمل معنى المواجهة والمعارضة والاتهام.

غير أن تقلد رئيس مجلس الوزراء لحقيبة وزارية، علاوة على مهامه، يؤدي إلى توفير آلية دستورية لاستجوابه من قبل أعضاء مجلس الشورى، وذلك بإمكانية توجيه الاستجواب إليه، ليس بصفته رئيساً للمجلس - فقد عرفنا عدم الإمكانية الدستورية لذلك - ولكن بصفته وزيراً لأحدى الوزارات، فهو هنا بصفة وزير، والوزراء يمكن أن يوجه لهم استجواباً في الأمور الداخلة في اختصاصاتهم، والقول بغير ذلك يؤدي إلى استبعاد أعمال هذه الوزارة أو تلك عن رقابة مجلس الشورى مما يخالف صريح نص المادة (110) من الدستور.

ومن المفيد هنا أن أنقل ما قاله أستاذنا الدكتور عادل الطبطبائي، الفقيه الدستوري ووزير التربية والتعليم الكويتي السابق، في بحثه المنشور في مجلة الحقوق الكويتية في العدد (1) من سنة 1997، إذ يقول: "إن رئيس مجلس الوزراء لايجوز سحب الثقة منه، وبالتالي فإن تعيينه وزيراً يعني إمكان سحب الثقة منه بصفته هذه، ولأنه إذا كان (مجلس الأمة) يرى عدم أهليته للثقة كوزير، فإنه من باب أولى ألا يكون أهلاً للثقة في منصب رئاسة الوزراء، ومهامها أكثر أهمية، وأبلغ خطورة من منصب الوزير" - انتهى - ص 24.

لا شك أن جواز الجمع بين منصب رئاسة الوزراء ومنصب الوزير، من ناحية، وإمكانية توجيه استجواب إلى رئيس مجلس الوزراء ليس بصفته رئيساً ولكن بصفته وزيراً، من ناحية أخرى، هي سبب هذه الإشكالية الدستورية التي لايمكن معالجتها إلا بعدم تفعيل المادة (118)، و بإجراء تعديل على نص المادة (118) سالفة الذكر بحيث يحظر الجمع بين هاتين الصفتين. من هنا نرى من الأهمية بمكان أن يتم تعديل نص هذه المادة - عندما يسمح بذلك بعد مرور عشرة سنوات من تاريخ العمل بالدستور - لكي تكون عوضاً عن (ويجوز للأمير أن يعهد إلى رئيس مجلس الوزراء أو أي من الوزراء بمهام وزارة أو أكثر)، ما يأتي: (ويجوز للأمير أن يعهد إلى أحد الوزراء بمهام وزارة أو أكثر).

والله من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق