الأربعاء، 26 يناير 2011

مدى قانونية رفع اسعار البترول


تفاجأ جميع من يقيم على أرض قطر من مواطنين ومقيمين بقرار رفع شركة قطر للوقود لأسعار المنتجات البترولية في السوق المحلي بنسبة تتراوح من 20 إلى 43 % ، في حركة مباغتة! حيث لم يُعلن عن القرار إلا قبل سويعات محدودة من بدء تنفيذه!، علماً بأن وقت الإعلان كان ليلاً! وتنفيذ القرار كان في الليل! (في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل)،  ووقتي الإعلان والتنفيذ كانا خلال الإجازة الأسبوعية!
لست هنا لكي إناقش الطبيعة الأخلاقية لهذه الحركة المباغتة، المفاجئة، أو أبحث عن الهدف من وراء اتباع هذا الأسلوب، وما إذا كان المقصود منه وضع المواطنين والمقيمين أمام الأمر الواقع، أو تجنب أية ردة فعل إحتجاجية، أو قطع السبيل أمام الرجوع عن القرار.
 كما إنني لست هنا لكي أعقب على المبررات التي ساقها (مصدر مسؤول في وقود) والتي تتماثل إلى درجة كبيرة مع ما صرح به نفس المصدر المسؤول (الذي لا نعرف من هو!) عام 2005 عندما تم رفع الأسعار وهو في حقيقة الأمر أقرب إلى المواساة منه إلى التبرير حيث يقول: "على الرغم من هذه الزيادة، فلا تزال أسعار المنتجات البترولية في قطر هي الأقل عالمياً وأقل من أسعار بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وأن هذه المنتجات تتمتع بدعم كبير من الحكومة".

كما أنني لست هنا للتعقيب على ما ساقته صحفنا المحلية من تحقيقات داعمة وحوارات مؤيدة لهذه الزيادة، وكأن رفع الاسعار جاء ليصيب منتجاً "كمالياً"، وليس منتجاً حيوياً مرتبطاً بمختلف الأنشطة والفعاليات والممارسات الحياتية واليومية.
وإنما أنا هنا لكي اسأل: هل يحق، قانونياً، لشركة قطر للوقود، بشكل منفرد، أن ترفع الأسعار؟ ثم ما هي الأجراءات التي اتبعتها لرفع هذه الأسعار؟ قبل محاولة الإجابة، من الفائدة الرجوع إلى ما كان يجرى عليه العمل في الماضي قبل تأسيس شركة قطر للوقود وقبل صدور قانون رقم (4) لسنة 2003 بمنحها امتياز تسويق وبيع ونقل وتوزيع الغاز والمنتجات البترولية.

إن العمل في تلك الفترة كان يسير بأن تتقدم الشركة المعنية بطلب لرفع أسعار المنتجات البترولية إلى وزارة المالية والاقتصاد والتجارة، وتحت مظلة كل من: قانون التسعير الجبري وتحديد الارباح، والقرار الوزاري الخاص بتنفيذ أحكام هذا القانون الذين يشار إليهما في قرار رفع الأسعار إلتزاماً بهما. فالمطلع على قرار رقم (8) لسنة 1983 بتعيين الحد الاقصى لأسعار بعض المنتجات البترولية والغاز، على سبيل المثال، يلاحظ بأن الأمر كان في غاية الجدّية، لأهمية المنتج الذي سوف يرفع سعره، فديباجة هذا القرار تدل على اشراك جهات عديدة ومختلفة قبل اتخاذه، كإدارة المواصفات والمقاييس وحماية المستهلك ووزارة المالية ومجلس الوزراء، ثم اعتماده من سمو الأمير، ثم نشره في الجريدة الرسمية، فهو يدل حقيقةً على أن الموضوع أُشبع دراسةً وإحاطةً، وليس "أمراً دُبر بليل".
لكن الأمر اختلف في التطبيق العملي بعد تأسيس شركة قطر للوقود، حيث أن في كلتا الزيادتين للأسعار يخرج علينا "المصدر المسؤول" فجأة، وفي الإجازة الأسبوعية، ليعلن عن رفع الاسعار!، دون أن يتم الكشف عن أية معلومات تتعلق بالإجراءات التي اتبعت لاتخاذ هذا القرار، أو من إتخذه!.
فهل اتخاذ قرار رفع الأسعار هو من اختصاص هذه الشركة، تتخذه بشكل منفرد؟ لا نجد في النظام الأساسي لتأسيس شركة قطر للوقود ما يدل على ذلك!، كما أن عبارة (تسويق وبيع ونقل وتوزيع) الواردة في مرسوم تأسيس الشركة لا يجيز لها أن تخرج عن الخضوع للقرار الوزاري رقم (8) لسنة 1983 بتعيين الحد الأقصى لأسعار بعض المنتجات البترولية والغاز. كما أن تكيف شركة وقود على أنها "شركة مساهمة قطرية" لا يبرر رفع أسعار منتج حيوي واقحامه في أغوار المفاهيم التجارية، فشركة البترول الوطنية للتوزيع وهي "شركة مساهمة قطرية" انشئت سنة 1976 وكانت تقوم بمهام التوزيع والنقل والتخزين والتكرير والتموين للمنتجات البترولية قبل تأسيس شركة قطر للوقود، لم تكن تنفرد باتخاذ القرار عندما يقتضي الأمر رفع أسعار المنتجات البترولية، بل تتبع تلك الإجراءات التي سبق الإشارة إليها أعلاه، في وضوحٍ وعلانية. وهو الأمر الذي يجعلنا لا نرى قانونية انفراد وقود باتخاذ قرار رفع اسعار المنتجات البترولية.
هذا ولله الحجة البالغة، وهو من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق