الخميس، 27 يناير 2011

مكاتب المحاماة: من "الدكاكين" إلى شركات وطنية عملاقة

مكاتب المحاماة: من "الدكاكين" إلى شركات وطنية عملاقة
2010-12-14


السمة الغالبة على مهنة المحاماة في دولة قطر هي أن يزاولها القطري الذي تتوافر فيه الشروط وفقاً للقانون رقم (23) لسنة 2006 بشكل منفرد عن طريق فتح مكتب خاص به! وإذا بحثنا عن شركات وطنية للمحاماة نجدها جداً محدودة قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة وهي شركات في الغالب ثنائية الأطراف بين محاميين اثنين فقط.
إن هذا الوضع لمكاتب المحاماة الوطنية قد لا يتسق وما تشهده دولة قطر، ومنذ عهد سمو الأمير، من نمو مستمر، واسع وملحوظ في الاقتصاد والمال والتجارة والإنشاءات، وما تبرمه من استثمارات وتعاقدات وما تبنيه من نهضة شاملة أتت على جميع مجالات الحياة والعمل. هذه البيئة المعقدة والمركبة في جوانبها القانونية لا شك بأنها في حاجة ماسة إلى مكاتب محاماة ذات معايير عالية جداً وجودة فائقة جداً، سوف تجعل مكاتب المحاماة القطرية ذات الطابع الفردي تقف عاجزة عن مواكبة الركب وسوف يقصر نشاطها على دعاوى الأحوال الشخصية والإيجارات والعمالية، وبعض المنازعات الإدارية والمدنية والتجارية البسيطة والمتواضعة. وهذا حقيقةً ما دفع الدولة في الماضي القريب إلى أن ترخص لبعض مكاتب المحاماة الدولية بممارسة المهنة لاسيَّما في جوانبها المتعلقة بالاستشارات والعقود.
إذن من أجل الوصول إلى الجودة العالمية في العمل القانوني المهني وسد احتياجات الدولة خلال حركتها التنموية المتصاعدة والمتسارعة، لا بد للمحامين القطريين أن يفكروا جدياً في الاندماج وتأسيس شركات محاماة تضم في تقديري عشرة أو حتى أكثر من المحامين القطريين المرخص لهم. هذا العدد المقترح مني لا شك بأنه يعد متواضعاً جداً إذا ما قيس بعدد الشركاء في بعض مكاتب المحاماة في أمريكا وأوروبا الذي يزيد عددهم فيها على 500 شريك.
أن العمل في إطار شركة محاماة سوف يخلق التنوع والتخصص والاستمرارية في آن واحد، ذلك أن كل محام في إطار الشركة يمكنه أن يتخصص في مجال محدد من مجالات العمل القانوني، وبتعدد المحامين في إطار الشركة الواحدة سوف تقدم هذه الأخيرة لعملائها خدمات قانونية متعددة ومتنوعة وشاملة. كما أن العمل في إطار شركة سوف يضمن الاستمرارية، فلا يموت المكتب بموت صاحبه.
كما أن العمل في إطار شركة محاماة سوف يجنب المحامين ما يفرضه عليهم واقع الحال من تعدد الدوائر والمحاكم وتناثر مبانيها في أماكن مختلفة وتقارب مواعيد الجلسات، مما يدفعهم إلى اللجوء إلى إنابة زملاء آخرين للحضور عنهم في تلك الدوائر أو المحاكم. ففي إطار شركة المحاماة، سوف ينظم الشركاء هذا الأمر بينهم وسوف يكلف كل واحد منهم بالحضور في دائرة معينة، دون أن تشطب قضاياهم.
كما أن وجود شركات محاماة سوف يخلق فرص عمل جديدة لخريجي كليات القانون، ويساهم في خلق بيئة غنية من الخبرات والمهارات يحتاجها المحامي الجديد، أو من رُخص له حديثاً بالمزاولة فيستفيد، عند انضمامه للشركة كموظف، من خبرات زملائه ويتدرج بمعيتهم شيئاً فشيئاً، فيسمو ويعلو إلى أن يصبح اسماً لامعاً يحتم على الشركاء إدخاله كشريك في نهاية المطاف.
أن العمل في إطار شركة محاماة سوف يحمي المهنة ذاتها من سلوكيات بعض المحامين أنفسهم أو من يبتعد منهم عن أخلاقيات المهنة أو يجلب بتصرفه ما يسيء لها. ذلك أن المحافظة على سمعة الشركة واسمها في عالم المهنة سوف يجبر الشركاء أن يأخذوا على يد زميلهم بقوة، فيرد هذا الأخير ويصد، قبل أن تغرق سفينتهم فيهلكوا جميعاً، وهو أمر لا يتحقق لو عمل المحامي بمفرده خلال مكتب خاص به.
أن ابتعاد المحامين القطريين حالياً عن تأسيس شركات محاماة يعود في نظري إلى عوامل ثلاثة، ثقافية ونفسية وتشريعية. وأقصد بالعامل الثقافي انتشار ثقافة العمل الفردي وعدم وجود تجارب محلية لشركات وطنية يمكن أن يحتذى بها، وجهل المحامين بقواعد وأنظمة إدارة شركات المحاماة. أما العامل النفسي فيتمثل في تخوف المحامي من الدخول في هذه التجربة، وقد يكون ذلك رغبةً منه في تجنب ما ينجم عنها من مشاكل لاسيَّما في الجوانب الإدارية والمالية مما يؤثر على علاقته بشركائه الذين تربطه بهم في الغالب علاقة صداقة. أما العامل التشريعي، فإنه يعود إلى أن التشريعات القطرية حالياً تجيز للمحامي القطري أن يستقدم من يشاء من القانونيين والمستشارين الأجانب للعمل لديه، فأي محام قطري بمجرد حصوله على رخصة مزاولة المهنة يمكنه أن يفتتح مكتباً خاصاً به ويضم من يشاء للعمل لديه من القانونيين الأجانب، دون حاجة إلى الانضمام أو الدخول في شراكة مع محامين قطريين آخرين. لذا ولتهيئة الفرصة نحو خلق شركات محاماة وطنية عملاقة لا بد أن تعالج العوامل السابقة من خلال إجراء التعديلات التشريعية المناسبة، ونشر الوعي والثقافة وتشجيع مكاتب المحاماة الحالية على الاندماج.
هذا والله من وراء القصد.
halsayed@qu.edu.qa

هناك 3 تعليقات:

  1. بارك الله في جهودكم

    ردحذف
  2. السلام عليكم و رحمة اللة و بركاتة
    لقد اصبت كبد الحقيقة اخى الكريم بتحليلك الجامع المانع
    فالعوامل الثقافية و البيئية و المادية هى التى تقف خلف قصور التطور و الحداثة
    جزاك اللة خيرا
    و اتمنى التواصل مع شخصكم الكريم . حيث انى محامى مصرى اسعى الى الافضل

    hosein.ehab@yahoo.com

    اشكرك جزيلا

    ردحذف
  3. كافة انواع ماكينات الطباعة التى تناسب حجم أعمالك مع مؤسسة ركن الخليج لتجارة ماكينات الطباعة التى توفر لك افضل العروض والأسعار
    مؤسسة ركن الخليج لتجارة ماكينات الطباعة
    http://www.gulfcor.com/
    Mobile(1): 0552006529
    Mobile(2): 0555893684
    Email: gulf.cor@hotmail.com
    السعودية _ الرياض _ الملز _ شارع الستين

    ردحذف