الجمعة، 28 يناير 2011

مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل

مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل
2006-11-28


تنص دساتير الدول المختلفة على مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل، ومنها الدستور القطري الذي أكد في المادة 134 منه على أن «القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون» وتعود الحكمة في تقرير هذا المبدأ إلى عدم جعل سلطة اتخاذ القرار في عزل القضاة لجهة أخرى قد تستخدمه كوسيلة للتهديد أو التأثير في سير العدالة ونزاهة الأحكام القضائية. فهذا المبدأ ضمانة حقيقية لاستقلال القضاء ونزاهته، وتكريس لمبدأ الفصل بين السلطات وعدم تدخل أي جهة سواء الحكومة أو البرلمان في سير العدالة، فالقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ويأخذ حكم عدم قابلية القضاة للعزل كذلك، عدم جواز إحالتهم إلى التقاعد، أو وقفهم عن العمل أو نقلهم إلى وظيفة أخرى.

ومبدأ عدم قابلية القضاة للعزل لا يعني بأي وجه من الوجوه أن القاضي مهما أخطأ أو أساء فسوف يكتب له الاستمرار في عمله دون مساءلة، ولكن يعني تأمين القاضي ضد أي خطر قد يؤثر عليه أو أي ضغوط يتعرض لها عند أدائه للمهمة السامية التي تقلدها في تحقيق الحق، لذلك نجد المادة 134 من الدستور القطري التي سبق أن ذكرناها أعلاه تدخل إلى مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل استثناء بأن هذا العزل ممكن في الحالات التي يحددها القانون.

وقد جاءت المادة 63 من قانون السلطة القضائية رقم 10 لسنة 2004 لتحدد هذه الحالات تحت مفهوم أسباب انتهاء ولاية القاضي، وبأنها تكون اما بالوفاة أو الاستقالة أو بلوغ سن التقاعد أو الاحالة إلى التقاعد أو النقل إلى وظائف غير قضائية وفقاً لأحكام قانون السلطة القضائية، أو العزل بحكم تأديبي طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية، وأخيراً الفصل من الخدمة بقرار أميري لأسباب تتعلق بالصالح العام.

وقد يقتضي الأمر توضيح بعض أسباب انتهاء ولاية القاضي المذكورة أعلاه للتأكيد على أنها في مجملها محاطة بضمانات تهدف إلى عدم استغلال هذه الوسائل في اقصاء القاضي عند أداء مهمته، ولاشك بأن الوفاة والاستقالة وبلوغ سن التقاعد التي حددها القانون بسبعين سنة أسباب لا تحتاج إلى البحث عن حكمة المشرع في تقريرها، أما بشأن الاحالة إلى التقاعد فإن القانون اجازها في حالات محددة وهي: أما بطلب القاضي نفسه احالته إلى التقاعد بعد بلوغه سن الستين، أو إذا ثبت بقرار من الجهة الطبية المختصة عجز القاضي لأسباب صحية عن أداء مهام وظيفته، وإما أخيراً عند حصول القاضي على تقدير أقل من متوسط لمرتين متتاليتين، وهذا التقدير هو أدنى تقدير يمكن للقاضي أن يحصل عليه.

أما بشأن إنهاء ولاية القاضي بسبب نقله إلى وظيفة غير قضائية فهو مقصور على حصوله على تقدير أقل من متوسط لمرتين متتاليتين، وأما بشأن عزل القاضي بحكم تأديبي فهو محاط بضمانات عديدة جاءت في قانون السلطة القضائية تحت عنوان مساءلة القضاة بحيث حددت الحالات التي يمكن بموجبها مساءلة القاضي، كما حددت الإجراءات المتخذة في التحقيق وفي التأديب والعقوبات التي يمكن توقيعها عليه.

أما السبب الأخير في انهاء ولاية القاضي فيعود إلى الفصل من الخدمة بقرار أميري لأسباب تتعلق بالصالح العام، ولم يأت القانون ليبين الحالات التي تتعلق بالصالح العام على وجه الدقة، والتحديد مما ترك الأمر فضفاضاً لتفسيرات السلطة التنفيذية، كما لم يجعل القانون اتخاذ هذا القرار بناء على اقتراح المجلس الأعلى للقضاء عند توافر شروط معينة، وبناء عليه فإن هذا السبب يتعارض مع كل من المواد 130 و131 و134 من الدستور والتي تقرر استقلال السلطة القضائية وتحظر على أية جهة التدخل في أعمالها، لذا وترسيخاً للمادة 67 من الدستور التي تقضي بأن احترام الدستور واجب على جميع من يسكن دولة قطر حكاماً ومحكومين، مواطنين ومقيمين، نرجو تعديل هذه المادة بإلغاء هذا السبب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق