الأربعاء، 26 يناير 2011

معادلة صعبة جداً!

معادلة صعبة جداً!
2010-12-21


مجلس الشورى الحالي " المعين " أنشئ وفقاً للمادة (40) من النظام الأساسي المؤقت المعدل (الدستور السابق) ، قبل ثمانية وثلاثين عاماً ، وخلال هذه السنوات الطوال لم يمس النصوص الدستورية المنظمة للمجلس أي تعديل إلا في مرات محدودة جداً كان أبرزها تعديل عام 1975، وهو وإن كان متواضعاً إلا أنه مهم ، إذ يعد تطويراً لأداء المجلس لأمس الاختصاص والفاعلية.
فعلاوة على الاختصاصات المقررة له سابقاً ، كمناقشة مشروعات القوانين ومناقشة موازنة المشروعات الرئيسة العامة ، صار بإمكان المجلس أيضاً مناقشة شؤون الدولة في المجالات الاجتماعية والثقافية مباشرة ، ودون أن تقتصر مناقشته على ما تعرضه الحكومة عليه من موضوعات فقط.
كما منح أعضاء مجلس الشورى مع هذا التعديل حصانة موضوعية تقتضي عدم مساء لتهم بحال من الأحوال عما يبدونه في المجلس أو لجانه من آراء وأقوال بالنسبة للأمور الداخلة في اختصاصاتهم .
إضافة إلى منح كل عضو من أعضاء مجلس الشورى الحق في أن يوجه إلى الوزير المختص سؤالاً بقصد استيضاح أمر معين من الأمور المعروضة على المجلس.
وفيما عدا هذا التطوير الذي جاء به تعديل 1975 ، اقتصرت التعديلات الأخرى على زيادة عدد أعضاء مجلس الشورى .
نقول: لو استمرت دولة قطر على هذا النهج منذ 1975 بحيث يمنح مجلس الشورى المزيد من الصلاحيات مع كل فترة زمنية يقطعها ، لأصبحنا اليوم أمام مجلس يمارس صلاحيات برلمانية حقيقية ، ولتحققت سنة التطور والتدرج، التي كانت لسنوات طويلة " الشماعة " لحرمان المواطنين من المشاركة السياسية، ومن تأليف مجلس منتخب يمثل الشعب.
ولكن هل يمكن أن نلوم الحكومة على عدم إتاحة فرصة التدرج ، إذا كان الشعب ذاته لم يشعر يوماً بأهمية الحياة الديمقراطية ، وأهمية المشاركة السياسية وأهمية عدم انفراد سلطة واحدة بالأمر والنهي وإدارة واستثمار وصرف وتوزيع المال العام ؟ بل هل نلوم الحكومة إذا كانت أية خطوة نحو الديمقراطية تأتي دائماً منها كعطية وهبة ، دون أن تخرج من رحم الشعب أو نضاله أو كفاحه ؟
أم هل نلوم الحكومة بعدم منح المزيد من الصلاحيات لمجلس الشورى إذا كان الحد الأقصى من هذه الصلاحيات لم تمارس فعلياً من قبل أعضاء المجلس ولم يصل هؤلاء إلى السقف الأعلى مما هو متاح لهم قانوناً، ولم يطالبوا يوماً بالمزيد منها. أو هل نلوم الحكومة إذا الشعب لم يسألها يوماً عن مشاركته إياها في اتخاذ القرار السياسي ولم يحرك ساكناً عندما فرضت عليه سلسلة التمديدات للمجلس المعين منذ 1972 إلى اليوم.
ولكن، في الجانب الآخر، هل نلوم الشعب لعدم مطالبته بالديمقراطية وهو مجرد قطرات قليلة في أمواج متلاطمة من السكان الأجانب الذين لم ولن يرتبط مصيرهم بالحياة الديمقراطية في الدولة؟
أم هل نلوم الشعب على ذلك، وهو لم يغدو رقماً مهماً ولم تعد الحكومة بحاجة إليه ويمكن الاستعاضة عنه بالأجانب لإدارة أية صغيرة أو كبيرة من شؤون البلاد ؟
بل هل نلوم الشعب واستمرار معيشة كل فرد من أفراده موظفين كانوا أم تجاراً مرتبط برضى الحكومة عن صاحبها ؟ معادلة صعبة جداً.!
على كل حال، صدر الدستور الدائم كمبادرة كذلك من سمو الأمير، والذي يعد تطويراً لمجلس الشورى، وأصبح يمثل السلطة التشريعية وأصبح ثلثي أعضائه منتخبين، وصارت له اختصاصات متطورة شيئاً ما عن المجلس المعين.
هذا والله من وراء القصد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق