الجمعة، 28 يناير 2011

أعمال محصنة من نظر العدالة

أعمال محصنة من نظر العدالة
2006-12-05


نصت المادة (13) من قانون السلطة القضائىة القطري على أنه «ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة ومسائل الجنسية)! فما هي هذه الأعمال التي أضفى القانون عليها حصانة ضد رقابة العدالة؟ فلا يمكن لأحد أن يرفع للقضاء مظلمته في أمر قد يتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة بهذين المصطلحين الغامضين! ولايمكن للمحاكم أن تفصل في مدى مشروعيتها أو إلغائها أو حتى التعويض عن الأضرار الناجمة عنها.

وأعمال السيادة التي جاءت في نص المادة السابقة نظرية قد اختلف اساتذة القانون والقضاء في تحديد مفهومها ووضع معيار محدد لبيان ما يدخل في نطاقها وهي نظرية تعود في نشأتها لأسباب سياسية قد تبررها في تلك الحقبة التاريخية الغابرة، وذلك عندما أحس مجلس الدولة الفرنسي بعد سقوط نابليون وعودة الملكية لفرنسا مرة أخرى بعدم ارتياح النظام السياسي الجديد من وجوده لاعتباره من مخلفات العهد البائد فقرر مجاملتها باستبعاد الأعمال التي تثير حفيظتها السياسية من رقابته القضائية لكي يحافظ على بقائه ووجوده ويدعم رقابته على بقية الأعمال الأخرى. إلا أننا في زمن لايبرر الأخذ بهذه النظرية لما فيها من تحلل من حكم القانون والخروج على المبادئ الدستورية السامية واطلاق ليد السلطة التنفيذية دون قيد أو رقيب عليها فتسهل بذلك الاعتداء على حقوق الأفراد وحرياتهم، لذلك هاجم غالبية أساتذة القانون الفرنسي نظرية أعمال السيادة وأنكرها البعض وقيدها البعض كما عمل مجلس الدولة الفرنسي على تضييق نطاقها والحد منها بقدر المستطاع.

أما المشروع العربي فوجد في هذه النظرية مآربه، في زمن استبداد السلطة ليبعد القضاء عن بعض تصرفات الحكومة فنقل هذه النظرية الى عالمنا العربي، لذا لايمكن الاحتجاج على أن أعمال السيادة نظرية قد تبنتها الدول المختلفة وأكدت عليها في قوانينها، فنبرر بالتالي أخذ المشرع القطري بها.

بقي أن نقول إن أساتذة القانون قد أجمعوا على أن تحصين مثل هذه الأعمال من رقابة القضاء يعتبر انتهاكاً صارخاً لمبدأ سيادة القانون من ناحية وانتقاصاً لحق التقاضي من ناحية أخرى، وهما مبدآن دستوريان مهمان جداً لقيام دولة القانون.. لذا فالنص في قانون السلطة القضائىة على حصانة هذه الأعمال، علاوة على ما فيه من عدم ثقة في القضاء بنزع هذه المسائل من ولايته، فإن هذا النص يوصم بعدم الدستورية لمخالفته للعديد من نصوص الدستور القطري كالمادة (129) منه على أن «سيادة القانون أساس الحكم في الدولة...» والمادة (57) من الدستور على أن «احترام الدستور والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة.. واجب على جميع من يسكن دولة قطر أو يحل بإقليمها» والمادة (135) على حق التقاضي وكفالته للناس كافة.

هذا والله من وراء القصد.

هناك تعليق واحد:

  1. مقالة مهمة جدا و تعالج شأنا حيويا يجب الالتفات اليه. شكرا يا د حسن

    ردحذف