الجمعة، 28 يناير 2011

إلى متى يبقى حق التقاضي منقوصاً؟

إلى متى يبقى حق التقاضي منقوصاً؟
2006-11-21


نصت المادة «135» من الدستور القطري على أن «التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة» وحق للتقاضي يعني وجود جهة قضائية محايدة تختص في الفصل في المنازعات على اختلاف أنواعها المدنية والتجارية والجنائية والأسرية والإدارية وغيرها، ووجود جهة قضائية محايدة للنظر في هذه المنازعات التي تنشأ بين الأفراد بعضهم ببعض أو بين الأفراد والأجهزة الحكومية ومؤسسات الدولة المختلفة ضمانة حقيقية لكفالة مبدأ سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وحرياته من قبل الجميع.

فالمادة «57» من الدستور تنص على أن «احترام الدستور والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة والالتزام بالنظام العام والآداب العامة ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقر واجب على جميع من يسكن على دولة قطر».

ونحن إذ أردنا أن نصف المنازعات بالنظر إلى أطرافها التي تنشأ في أي مجتمع من المجتمعات يمكننا تقسيمها إلى منازعات تنشأ بين الأفراد بعضهم ببعض، ومنازعات تكون أطرافها الأفراد وأجهزة الدولة المختلفة، بل ان المنازعات التي تكون الأجهزة الحكومية ومؤسسات الدولة طرفا فيها قد تفوق في عددها واحتمالية وقوعها على تلك التي تنشأ بين الأفراد بعضهم ببعض، فمن منا لا يرتبط بالدولة وأنشطتها المختلفة واختصاصاتها المتعددة برابطة قد ينشأ عنها نزاع، فالطالب عندما ترفض معادلة شهادته، وصاحب الترخيص عندما يغلق متجره، والموظف عندما يفصل أو يظلم في وظيفته، والمتنافس في مناقصة عندما لاتتبع الإجراءات القانونية لاختيار العطاء، كل هؤلاء لابد أن يجدوا جهة قضائية محايدة تنظر في ادعائهم فإن كان لهم الحق أخذوه وان لم يكن شعروا بالرضا بأنهم لم يظلموا أو لم تضيّع حقوقهم.

لهذا كله جاء الدستور القطري ليؤكد على جهة المختصة في الفصل في المنازعات الإدارية، وامتثالا للدستور جاءت المادة «10» والمادة «11» من قانون السلطة القضائية لتبين الدوائر التي تتألف منها كل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف، فمن هذه الدوائر تلك التي تختص بقضايا الحدود والقصاص والمواد الجنائية والمواد المدنية والتجارية وقضايا الأحوال الشخصية والتركات، كما نصتا على دائرة خاصة بالنظر في المنازعات الإدارية.

إن هذه النصوص الدستورية والقانونية تبعث الأمل والتفاؤل بأننا سوف نخرج أخيرا وبعد خمس وأربعين سنة من وجود القضاء النظامي لدينا، من مرحلة الإدارة القاضية وهي مرحلة كانت موجودة في فرنسا قبل مائتي سنة حين كانت الإدارة هي التي تفصل في المنازعات التي تكون طرفا فيها عن طريق التظلمات التي ترفع إليها فكانت هي الخصم وهي الحكم.

إن الدائرة الخاصة بالنظر في المنازعات الإدارية لم تنشأ بعد، ويحتاج إنشاؤها الى قرار جريء من المجلس الأعلى للقضاء، ذلك ان قانون السلطة القضائية نص على أن «يصدر بإنشاء هذه الدوائر وتحديد اختصاصاتها قرار من المجلس» فمتى يرى هذا القرار النور؟ ومتى يفعّل حق التقاضي؟ ومتى يدعم مبدأ سيادة القانون ودولة المؤسسات.

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق