الأربعاء، 26 يناير 2011

مفارقات!

مفارقات!
2011-01-04


نقلت وكالات الأنباء هذا الأسبوع؛ وهو الأسبوع الأول من السنة الميلادية الجديدة؛ أربعة أخبار متفرقة، ولكنها مرتبطة معاً من حيث الموضوع، يجدر بنا التوقف أمامها. الخبر الأول يتعلق بتسلم رئيسة البرازيل الجديدة "ديلما روسيف" مهام منصبها كرئيسة لبلادها. وأما الخبر الثاني فهو موافقة البرلمان اليمني على مبدأ إجراء تعديلات دستورية تمهد للرئيس الحكم مدى الحياة، أما الخبر الثالث فهو ما كشفه موقع "ويكيليكس" عن السفيرة الأمريكية في القاهرة "مارغريت سكوبي" أن الرئيس حسني مبارك سيخوض حتماً الانتخابات في نهاية هذا العام ويبقى في الرئاسة إلى أن يموت"، وأخيراً يتمثل الخبر الرابع في تولي رئيس جديد في جزر القمر خلفاً للرئيس السابق أحمد سامبي.
وبالعودة إلى الخبر الأول فإن ما يستدعي الوقوف أمامه ليس فقط ماضي رئيسة البرازيل الجديدة المشرف ومشاركتها في الكفاح ضد الدكتاتورية العسكرية في البرازيل (1964 – 1985)، وسجنها لمدة ثلاث سنوات وتعرضها للتعذيب فحسب، بل ما يستدعي التأمل، احترام الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" للدستور الذي لا يجيز الترشح للرئاسة لولاية ثالثة، رغم شعبيته التي كشفت عنها الاستطلاعات بأنها وصلت إلى (87%) ومغادرته السلطة وقصر "بلانالتو" وعودته إلى منزله في إحدى ضواحي "ساو باو لو" العمالية، وقوله أمام حشود من الناس: "أعود إلى منزلي مرفوع الرأس وقد أتممت المهمة التي أوكلت لي".
الخبر السابق لا شك بأنه يتفارق مع الخبر الثاني المتعلق بموافقة البرلمان اليمني على مبدأ إجراء تعديلات دستورية تمهد للرئيس الحكم مدى الحياة. فالدستور اليمني ينص في المادة (112) منه على أن "مدة رئيس الجمهورية سبع سنوات شمسية تبدأ من تاريخ أداء اليمين الدستورية، ولا يجوز لأي شخص تولي منصب الرئيس لأكثر من دورتين مدة كل منها سبع سنوات". وعلى فكرة، هذه ليست المرة الأولى التي يطال فيها التعديل هذه المادة، والقاسم المشترك بين كل التعديلات هو، بلا شك، الانفرادية والبقاء مدة أطول في الحكم. فالرئيس هو ذاته منذ توليه زمام الحكم في اليمن في يوليو 1978، بعد اغتيالات نالت كلاً من الرئيس السابق أحمد الغشمي الذي حكم أقل من سنة، والرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي الذي سجل اغتياله ضد مجهول.
وبإجراء مقارنة بسيطة بين عدد من ترأس البرازيل منذ 1978 إلى اليوم، في مقابل انفراد الرئيس صالح بحكم اليمن منذ ذلك التاريخ، نجدهم تسعة رؤساء هم: "ايمستو جيسل" الذي انتهت ولايته في 1979، و "جيو فيقاردو" من 1979 إلى 1985، و "تانكريدو نفيس" الذي لم يستلم منصبه، و "جيوس سامي" من 1985 إلى 1990، و "فبماندو كولور" من 1990 إلى 1992، و "أتمار فرانكو" من 1992 إلى 1995، و "فيماندو هيرك" من 1995 إلى 2003، والرئيس "لولا دا سيلفا" السابق من 2003 إلى 2011، والرئيسة الجديدة "ديلما" التي تولت مهام منصبها قبل يومين. هذه القائمة الطويلة من رؤساء البرازيل، والتي أسردناها بهدف المقارنة، سوف تطول أكثر لكون البرلمان اليمني لم يكتف بأن يحكم صالح ثلاثا وثلاثين سنة، رغم كون اليمن جمهورية، بل وافق من حيث المبدأ على إجراء تعديلات تمهد للرئيس صالح الحكم مدى الحياة.
أما الخبر الثالث، فليس مفاجأة وليس كشفاً عظيماً لموقع "ويكيليكس"، ولكن تمكن مقارنته بالبرازيل وتخلي الرئيس السابق "لولا دا سيلفا" عن منصبه ولم يتجاوز 65 سنة من عمره، في حين أن الرئيس مبارك قد تجاوز الثانية والثمانين من عمره ولا يزال متمسكاً بالحكم الذي تولى زمامه قبل ثلاثين سنة في 1981. وبذلك كذّب الشاعر زهير بن أبي سُلمى حين قال:
سئمت تكاليف الحياة ومن يعشْ ثمـانينَ حــــولاً لا أبا لك يســأم
وعلى النقيض يبعث الخبر الرابع الأمل، حيث تولى "إكليل ظنين" رئاسة جزر القمر خلفاً لسلفه الرئيس سامبي، وهو مفارقة لم نعتد عليها في الدول العربية ذات النظم الجمهورية والتي لا تعرف منها غير الاسم، لبقاء الرؤساء لمدد لا يعلمها إلا الله، بل توريث الحكم لأبنائهم من بعدهم. أتمنى أن يستمر الالتزام بالدستور القمري، ويستمر تداول السلطة فيها، ولا تصيب جمهورية جزر القمر العدوى من الدول العربية بعد انضمامها لها.
والله من وراء القصد

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق