الأربعاء، 26 يناير 2011

باقي الرُبع!

باقي الرُبع!
2010-12-28


في معرض الإجابة على سؤال وجه إلى رئيس مجلس الوزراء عند افتتاح المبنى الجديد للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، بينَ معاليه بأن السبب في تأخر الانتخابات التشريعية في دولة قطر يعود إلى "تكملة كل سلسلة القوانين المرتبطة بعملية الدستور....وأن ثلاثة أرباع هذه القوانين تمت، وأن العمل جار الآن لتكملة باقي القوانين"!
وربما كان المقصود "التشريعات المرتبطة بالعملية الانتخابية"!، فإن كان هذا القصد فإن التشريعات التي لها ارتباط بانتخابات مجلس الشورى تتمثل فيما يأتي:
1- الدستور وهو أبو التشريعات وهو الذي وضع الملامح الأساسية لانتخابات مجلس الشورى، لاسيَّما المادة (77) منه التي تبين بأن الأعضاء المنتخبين يتم اختيارهم "بالاقتراع العام السري المباشر"، والمادة (80) منه التي تبين الشروط الواجب توافرها في عضو المجلس.
2- قانون الجنسية القطرية، لاسيَّما المادة (15) و(16) منه واللتان بينتا من له حق الترشح والانتخاب في الهيئة التشريعية.
3- قانون الفصل في المنازعات الإدارية، والذي جعلت للدائرة الإدارية الاستئنافية اختصاص النظر في الطعون الخاصة بانتخابات مجلس الشورى.
4- قانون بنظام انتخاب أعضاء مجلس الشورى.
وباستثناء التشريع الأخير فإن جميع التشريعات الثلاثة السابقة قد صدرت. فهل كان معالي رئيس مجلس الوزراء يعني بالربع المتبقي من التشريعات هو قانون الانتخاب؟
على كل حال، فإن العودة إلى الوراء قليلاً، تكشف بأن الحكومة قد خطت في عام 2008 خطوة مهمة نحو تفعيل مجلس الشورى المنتخب، وذلك بإعداد مشروع قانون نظام الانتخاب، حيث أحيل هذا المشروع إلى مجلس الشورى، وتمت دراسته في إحدى لجانه، ثم عرض على المجلس للمناقشة، الذي وافق عليه وأعاده للحكومة، حتى يأخذ مجراه من حيث مراحل التشريع الأخرى كالتصديق والإصدار والنشر. إلا أن مشروع القانون هذا، اختفى!، ولا ندري أين هو؟!، غاية ما نعرفه أن الصحافة التي حضرت تلك الجلسة نقلت بأن هناك سؤالاً أثير في مجلس الشورى حول المقصود بـ"مسقط رأس قبيلته" الذي حُدد كموطن انتخابي للشخص!، وإن الإجابة كانت بأن أي ناخب أو مرشح لا يمكنه وفقاً لذلك أن يمارس حقه السياسي إلا في نطاق دائرة انتخابية تحدد لقبيلته كمسقط رأسها، وأن الجهات المعنية في الدولة سوف تتكبد عناء تحديد مسقط رأس قبيلة كل مواطن تتوافر فيه شروط الناخب أو المرشح! أثار هذا الأمر عدد من الكتاب بين حامد وناقد، وكنت ممن أنتقده وأبان عيوبه وعدم فاعليته، إلا أن هذه الإثارة وللأسف الشديد عوضاً عن أن تكون سبباً في تعديل الجزء الخاص بالموطن الانتخابي من مشروع القانون، كانت "علثة" لوقف مشروع القانون بأكمله والتمديد للمجلس المعين لمدة سنتين (تنتهي في 2010)، ثم لمدة ثلاث سنوات (تنتهي في 2013). فهل يستدعي إصدار قانون نظام الانتخاب كل هذا الوقت منذ 2008.
كانت حجة الحكومة، التي أبداها بعض الكتاب في ذلك الوقت، من وراء تحديد مسقط رأس القبيلة كموطن انتخابي تتمثل في تحقيق العدالة في التمثيل في مجلس الشورى بين مختلف القبائل والعوائل القطرية، وعدم سيطرة قبيلة معينة على عدد كبير من كراسي المجلس بسبب كثرة عدد أفرادها! في حين أن العوائل والأسر الأخرى سوف تظلم، بسبب قلة عددها، رغم قِدم تواجدها واستقرارها وتاريخها المجيد في بناء الدولة.
وكانت حجتي عند نقد هذا المنحى، تتمثل في أن تحديد الموطن الانتخابي على أساس مسقط رأس القبيلة سوف يبني العملية الانتخابية على أساس قبلي وليس على أساس المواطنة، ويركنها إلى أصول الشخص عوضاً عن فكره وتوجهاته ومدى كفاءته ووطنيته، ناهيك عن العوائق المادية التي تواجه المرشح أثناء حملته الانتخابية إذ يضطر مؤقتاً إلى ترك مكان إقامته الفعلية كالدوحة مثلاً والعودة إلى مسقط رأس قبيلته التي قد تكون في الشمال أو الجنوب، كما أن هذا الأساس في تحديد الموطن الانتخابي سوف يشجع بروز بعض الآفات الانتخابية كالانتخابات الفرعية بين القبائل، علاوة على ما يسببه من عدم مساواة وظلم للمرأة، إذ من غير المتصور واقعياً أن ترضى القبيلة أن يكون من يمثلها امرأة، وإن ارتضت فيكون حظها من الفوز معدوماً.
أقول: لو كان العجز عن إيجاد آلية تشريعية مناسبة تحقق العدالة في فرص التمثيل في المجلس أمام مختلف قبائل وعوائل قطر هو السبب الحقيقي وراء تعطيل المجلس المنتخب، فإنني أقدم الاقتراح التالي والذي سوف يحقق هذا الهدف، وفي الوقت ذاته يجنبنا الكثير من العيوب التي قد يسببها مسقط رأس القبيلة لو اتخذ معياراً لتحديد الموطن الانتخابي.
الاقتراح يتمثل في اعتماد كل ما يأتي:
1- جعل دولة قطر كلها دائرة انتخابية واحدة.
2- يكون لكل ناخب صوت واحد فقط يختار من خلاله مرشحاً واحداً فقط.
3- سوف يفوز بكراسي المجلس المرشحون الثلاثون الذين حصلوا على أكثر أصوات الناخبين. لأن عدد أعضاء مجلس الشورى المنتخبين وفقاً للمادة (77) من الدستور هم ثلاثون عضواً.
4- لا يجوز أن يفوز بمقاعد المجلس أكثر من أربعة أشخاص من ذات القبيلة. ورقم أربعة تم اختياره لكونه سوف يشتت أصوات القبيلة الكبيرة بين هؤلاء ويمنع التحالفات لتحويل الفائض من القوة الانتخابية لقبيلة ما إلى قبيلة أخرى تحالفت معها. كما يساعد على التشتيت المحمود، ومنع هذه التحالفات كون الناخب لا يملك وفقاً لهذا الاقتراح إلا صوتاً واحداً.
في هذا المقترح نفترض أنه قد فاز أكثر من أربعة من ذات القبيلة، ففي هذه الحالة يستبعد بقية الفائزين من نفس القبيلة ويبقى فقط الأربعة الذين حصلوا على أكثر الأصوات منهم، ويحل محل أولئك الذين استبعدوا، المرشحين الذين يلونهم في الترتيب فيما بعد الثلاثين.
هذا المقترح الذي أقدمه ليس ابتداعاً، بل تطبقه بعض الأنظمة لمنح الأقليات فرصة في التمثيل في المجالس النيابية.
مجرد اقتراح، والله أعلم. وهو من وراء القصد.

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق