الجمعة، 28 يناير 2011

مبدأ سيادة القانون

مبدأ سيادة القانون
2006-11-14


يقصد بمبدأ سيادة القانون احترام القواعد القانونية من كافة سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، واحترام الأفراد التي تتكون منهم الدولة سواء كانوا حكاما أو محكومين لقواعد عامة موضوعة مسبقا. واحترام القانون هنا يأتي بمعناه الواسع ليعني كل قاعدة قانونية وفقا لتدرجها في النظام القانوني للدولة، فنشمل بذلك الدستور والقانون الذي يصدر عن السلطة التشريعية واللائحة التي تصدر عن السلطة التنفيذية.

وتفعيلا لمبدأ سيادة القانون تأتي أغلب الدساتير لتحتم على من يتقلد السلطات العامة أن يحترم القانون بهذا المعنى الواسع، ففي دستور قطر أمثلة عديدة على ذلك، فسمو الأمير يقسم بالله العظيم بأن يحترم الدستور والقوانين (المادة 74) وولي العهد يقسم بذلك (المادة 10) ورئيس مجلس الوزراء والوزراء يقسمون باحترامهم الدستور والقوانين السارية في البلد (المادة 119)، وعضو مجلس الشورى (المادة 92)، والقاضي يقسم باحترام القوانين (المادة 40 من قانون السلطة القضائية رقم 10 لسنة 2003) والمحامي يقسم بذلك (المادة 18 من قانون المحاماة رقم 23 لسنة 2006).

واحترام الدستور والقوانين ليس مقصورا على هؤلاء من أصحاب المناصب بل هو واجب على كل مواطن ومقيم على هذه الأرض، فالمادة (57) من الدستور تنص على أن (احترام الدستور والامتثال للقوانين الصادرة عن السلطة العامة والالتزام بالنظام العام والآداب العامة ومراعاة التقاليد الوطنية والأعراف المستقرة واجب على جميع من سكن دولة قطر أو يحل بإقليمها).

ويقسم أساتذة القانون الدستوري الدول وفقا لاحترامها مبدأ سيادة القانون من عدمه إلى دولة قانونية ودولة بوليسية! فالدولة القانونية هي التي تخضع تصرفات كل من الحكام والمحكومين فيها على السواء لحكم القانون، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لأية سلطة أن تزاول أي نشاط إلا بمقتضى قواعد سبق وضعها وفقا للأوضاع والشروط المقررة. أما الدولة البوليسية فهي التي تأبى الخضوع للقانون، وترقض الانصياع لأحكامه فهي فوق القانون والحكومة حين تمارس السلطة العامة تكون غير مقيدة باتباعه. وتختلط إرادة الحاكم بالقانون فهو الذي يضعه ويعدله ويلغيه وإن أراد أهدره وفي هذا النوع من الحكومات تضيع الحقوق وتنتهك الحريات.

ويرى البعض أن تعريف مبدأ سيادة القانون بالشكل السابق وهو قصره على عنصر شكلي (التزام جميع أفراد المجتمع وسلطات الدولة على السواء باحترام القانون كأساس لمشروعية أعمالهم) يؤدي إلى نتيجة غير منطقية وغير سليمة فماذا إذا كان القانون يكرس العنصرية والتفرقة بين أفراد المجتمع ويكفل الاستبداد!، فهل يعقل أن يطالب أحد بسيادة قانون غير عادل وغير إنساني؟. لذا يذهب جانب من الفقه إلى عدم قصر تعريف مبدأ سيادة القانون على العنصر الشكلي بل إضافة عنصر موضوعي إليه ينظر في مضمون القانون الذي يجب أن يسود بحيث يكفل هذا القانون احترام الإنسان ويضمن حقوقه ويحقق العدالة. فالقانون لا يعلو ولا يسمو ولا يسود إلا لكفالته للحقوق والحريات العامة، فالسيادة المتمثلة في احترام القانون ونصوصه ما هي إلا نتيجة لمضمون هذا القانون. ولقد أكد إعلان نيودلهي الصادر عن المؤتمر الدولي لرجال القانون المنعقد في الهند سنة 1959 مضمون سيادة القانون بأن دولة القانون هي دولة (تؤكد المساواة بين المواطنين في التزامهم بقانون ينظم العلاقات الاجتماعية ويحمي القيم والمبادئ الأساسية...).

بقي أن نقول إن الديمقراطية تتطلب تمتع الأفراد بجميع الحقوق والحريات سواء كانت مدنية أو سياسية أو اقتصادية وهذا التمتع يحتاج إلى قانون يحمي ويضمن هذه الحقوق والحريات، ولا تقتصر فقط على ضمان حق الأفراد في المشاركة في الحكم، وبالتالي يمكن أن نقول إن الديمقراطية ليست فقط سيادة الأغلبية بل هي سيادة القانون الذي يتضمن الحقوق والحريات العامة.

وتتعدد طرق تفعيل مبدأ سيادة القانون، فهذا المبدأ كغيره يبقى عديم الفائدة إذا لم توجد وسائل تكفل تحقيقه وعادة ما تكون هذه الوسيلة عن طريق رقابة السلطة القضائية. وتعود الحكمة إلى جعل هذه الرقابة للسلطة القضائية دون غيرها إلى أن سن القوانين عمل مشترك بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فالتشريعية قد تقترح وتناقش وتقر مشروع القانون والتنفيذية قد تقترح وتصدق وتصدر القانون، لذا من المنطق أن تسند الرقابة إلى سلطة محايدة لم تشترك في وضع هذا القانون الذي وصم بعدم الدستورية. وفي الدستور القطري تنص المادة (140) منه على أن (يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها وكيفية الطعن والإجراءات التي تتبع أمامها، كما يبين القانون آثار الحكم بعدم الدستورية).

halsayed@qu.edu.qa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق